বিলা কুয়ুদ
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
জনগুলি
لينيوس نفسه ابتكر مصطلح الهومو سيبيانز (الإنسان العاقل)، الذي ظل المصطلح العلمي الخاص بنوعنا، وارتأى أن نقاط التشابه التشريحية بين البشر والسعادين والقردة واضحة للغاية، حتى إنه جمعهم كلهم في رتبة واحدة من الثدييات سماها «الرئيسيات». وقد قسمت هذه إلى خمس فصائل متمايزة، ووضعت أنماط متنوعة من البشر - الحقيقي منها والخرافي - في فصيلة أشباه البشر (انظر شكل
3-4 ).
شكل 3-4: أشكال أنواع مختلفة من البشر الذين كان يعتقد سابقا في وجودهم، كما صوروا في كتاب كارلوس لينيوس «نظام الطبيعة». (المصدر: ويكيميديا كومونز.)
وفي توقع لوجود «إنسان الكهف» الذي روجت له الشائعات، اعترفت الطبعة العاشرة من «نظام الطبيعة» بنوعين حيين من البشر: الهومو سيبيانز والهومو تروجلودايتس «الإنسان ساكن الكهف». لم يكن «إنسان الكهف» لدى لينيوس نوعا منقرضا من بشر ما قبل التاريخ (فهؤلاء لم يكتشفوا إلا بعد مرور مائة عام أخرى)، لكن كان يعتقد بدلا من ذلك أنهم شعب حي من الناس الضئيلي الجسم، يعيشون في الكهوف المتوارية في أدغال جنوب شرق آسيا. كان الدليل على وجود الإنسان ساكن الكهف قصة ذكرها قبل ذلك بأكثر من مائة عام طبيب يدعى بونتياس من شركة الهند الشرقية الهولندية، الذي كان قد عاد من جنوب شرق آسيا برسم ووصف مفصلين لهذه المخلوقات الغامضة.
وبمرور الوقت اكتشف أن وصف بونتياس لم يكن لإنسان كهف، وإنما بالأحرى لإنسان الغاب؛ قرد لم يعش قط في الكهوف، بل يقضي في واقع الأمر معظم وقته عاليا على قمم أشجار الغابات المطيرة. لكن في تحول غريب من تحولات القدر، حين اكتشف عالم وظائف الأعضاء الألماني، يوهان فريدريش بلومنباخ، عام 1776م الشمبانزي لأول مرة، أطلق على نوعه اسم بان تروجلودايتس (الشهواني ساكن الكهوف). رغم ما تقرر في النهاية من أن قردة الشمبانزي لم تكن تلك الكائنات الشهوانية الشبه البشرية التي تعيش في الكهوف، والتي تخيلها بلومنباخ، فقد علق الاسم وظل المصطلح العلمي الصحيح للشمبانزي حتى يومنا هذا.
لكن تأكدت فجأة الفكرة الملحة القائلة بأنه كان ثمة كائنات شبيهة بالبشر تعيش في الكهوف باكتشاف هيكل عظمي عام 1865م لنمط غير مألوف مطلقا من البشر، مختلف تماما عنا، عاش منذ 40 ألف سنة في كهف في وادي نياندر (بالألمانية نياندرتال)، بالقرب من مدينة دوسلدورف. ازدهر إنسان النياندرتال، كما صار هذا النوع معروفا، خلال العصور الجليدية في أوروبا وآسيا، لكنه اختفى منذ نحو 25 ألف عام. ولاعتبار إنسان النياندرتال «دون البشر» في الأصل، فقد اتفق في النهاية على أنه قريب من الإنسان الحديث في حجم الدماغ وسمات أخرى، حتى إنه يعتبر اليوم نوعا فرعيا من الهومو سيبيانز، وأعطي الاسم العلمي هومو سيبيانز نياندرتالنسيس (الاسم العلمي لنوعنا الفرعي هو الهومو سيبيانز).
منذ اكتشاف النياندرتال، استخرج اختصاصيو علم الحفريات البقايا الحفرية لعدة أشباه بشر قدامى من كهوف في أوروبا وآسيا وأفريقيا، دافعين أصول القامة التامة الانتصاب والحركة على قدمين لمراحل أقدم في الماضي؛ فقد اكتشف يوجين ديبوا بقايا الهومو إريكتوس لأول مرة في كهوف جاوة في أواخر القرن التاسع عشر، واكتشف ريموند دارت بقايا الأوسترالوبيثيكوس في كهوف جنوب أفريقيا في عشرينيات القرن العشرين، وعثر على حفريات أخرى للهومو إريكتوس في عشرينيات القرن العشرين مع اكتشاف بقايا رجل بيكين في سلسلة كهوف بالقرب من بيكين في الصين.
بدأت الأدلة على سكن أشباه البشر الكهوف بتمكن البشر الناشئين من تقنية النار، وهي مستمرة حتى اليوم؛ فقد رسم بشر الكرومانيون صورا لحيوانات على جدران الكهوف في فرنسا وإسبانيا منذ أكثر من 25000 عام، وترك سكان إسرائيل القديمة مخطوطات البحر الميت في الكهوف، وبنى هنود بويبلو مساكنهم الصخرية البديعة المنظر منذ ألف عام بحفر الجوانب الرأسية من منحدرات طبيعية في جنوب غرب أمريكا، ولا يزال نحو ثلاثة آلاف من شعوب الخيتانو، غجر إسبانيا، يعيشون في مجمع من الكهوف قريبا من مدينة غرناطة حاليا. وأخيرا، ما زال ملايين الناس يعيشون حاليا في منازل كهفية «ياودونجز» في شمال الصين، حيث مدن بأكملها محفورة في جوانب التلال أو في حفر صنعت في تربة رخوة.
لتتأملوا الأمر؛ فكما يظهر بوضوح السلوك الإنساني العام للعيش في مساحات مغلقة ذات جدران وأسطح متينة وفتحات صغيرة للدخول والخروج، فإن من فطرتنا البشرية أن نكون سكانا للكهوف. نحن البشر، المنحدرون من أجداد عاشوا 55 مليون عام على الأشجار، عاشوا وماتوا في الهواء الطلق في الغابات، لم نعد قادرين على العيش في العراء. فبدلا من ذلك نتوق إلى سقف يظلل رءوسنا في شكل مظلة آمنة لا تحمينا من الرياح والأمطار والثلوج فحسب، ولكن أيضا تشكل بيئة مغلقة مثل الكهف تحتجز الحرارة المنبعثة من نيراننا وتحمينا من هجوم الضواري.
إن إخراج أسود وببور ونمور وضباع ودببة وذئاب ما قبل التاريخ منذ زمن طويل من كل الأماكن تقريبا التي يعيش فيها البشر الآن لم يعد أمرا مهما. تحتاج أجسادنا الخالية من الشعر حماية من طقس الطبيعة القاسي، وقد تخلى أسلافنا منذ زمن بعيد عن عادة النوم في العراء. قد تكون خيام الصيادين وجامعي الثمار وأكواخهم قد أفسحت المجال لمنازل العالم الحديث وشققه، لكن احتفظت هذه المساكن كلها بالعناصر الأساسية لمسكن الكهف البدائي: سقف فوقي وجدران متينة، مع فتحات لدخول الضوء وتوفير سبيل للدخول والخروج من بيوتنا الشبيهة بالكهوف.
অজানা পৃষ্ঠা