বিলা কুয়ুদ
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
জনগুলি
لكن بعض أنواع الرئيسيات - وعلى الأخص قردة الشمبانزي - تمارس العكس تماما: تزاوج الأباعد الأنثوي. فيظل ذكور الشمبانزي في المجموعة التي ولدوا فيها، وتربطهم علاقات دائمة ليس مع أمهاتهم فقط، وإنما مع آبائهم وأخواتهم وأبنائهم أيضا. أما إناث الشمبانزي فيهممن بالانسحاب بالتدريج بعيدا عن مجموعتهن الأصلية عند بلوغ مرحلة النضج، ويسعين لإقامة علاقات جنسية وصداقات أخرى مع أعضاء جماعة مختلفة تماما، وعند الاستمرار في هذا يكسبن في نهاية المطاف قبول الذكور وإناث الجماعة الجديدة، وأخيرا يصرن حبليات وينجبن أطفالا. وبينما تكبر بناتهن وترحل بعيدا يبقى أبناؤهن بصحبتهن ما تبقى لهن من العمر.
تنعكس ممارسة الرئيسيات العامة لزواج الأباعد على التكوين الاجتماعي لكل المجتمعات البشرية، وإن كان يتخذ عدة أشكال مختلفة، من بينها زواج الأباعد الذكوري والأنثوي. مارست المجتمعات الريفية التقليدية في الصين والهند شكلا صارما من أشكال زواج الأباعد القروي على أساس مكان الإقامة؛ ففي هذه القرى الزراعية كان الذكور يمتلكون كل الأراضي والمساكن ويورثونها لنسلهم من الذكور حصرا. بناء على هذا لم يكن الرجال يغادرون القرى التي ولدوا فيها قط، في حين كانت النساء - اللواتي كانت أملاكهن مقتصرة على مقتنيات قابلة للحمل مثل الملابس والمصاغ والأثاث - يغادرن قراهن الأصلية للأبد عند الزواج، ويقضين بقية حياتهن في قرى أزواجهن. لكن في قرى جزر بولينيزيا التقليدية، كانت النساء يمتلكن الأرض والمساكن ويورثنها لنسلهن من الإناث حصرا؛ ومن ثم كان الذكور هم من يرحلون عن قراهم الأصلية عند الزواج لقضاء بقية حياتهم سكانا في قرى زوجاتهم.
بالإضافة إلى هذه الأشكال من زواج الأباعد القائم على أساس مكان الإقامة، تستلزم كل الثقافات البشرية شكلا من زواج الأباعد ينطبق على علاقات القرابة، وهو حظر البشر بوجه عام لسفاح المحارم. يقتضي حظر سفاح المحارم أن يختار الرجال والنساء شركاء من خارج مجموعة أقاربهم. وتعرف مجموعة الأقارب في مجتمعنا تعريفا دقيقا جدا بأنها الأسرة المصغرة المكونة من الوالدين والأبناء، وبدرجة أقل إلى حد ما الأسرة الممتدة من الأعمام والأخوال والعمات والخالات وأبناء وبنات الأعمام والأخوال، لكن في الثقافات القبلية حيث علاقات القرابة أهم وأعقد منها في مجتمعنا، كثيرا ما يقوم حظر سفاح المحارم على انتماءات قبلية قد تصف المئات بل وآلاف العلاقات الجائزة بأنها سفاح قربى؛ ومن ثم تحظرها تماما.
يفيد زواج الأباعد مجتمعات الرئيسيات بطريقتين؛ فهو أولا يضمن استمرار التمازج الجيني بين الجماعات التي تعيش في مناطق متجاورة، حتى وإن كانت هذه الجماعات يعادي بعضها بعضا، وهذا من شأنه أن يقلل تزاوج الأقارب، بآثاره الضارة. وثانيا يضمن زواج الأباعد أن يكون داخل كل جماعة الكثير من البالغين الذين ولدوا في جماعات أخرى وتربطهم بالفعل علاقات بأصدقائهم وأفراد أسرهم الذين هم أعضاء في جماعات أخرى.
وتساعد هذه الصلات بين الجماعات المختلفة وكثيرة التناحر على تقليل المشاحنات والعنف بين جماعة وأخرى. وفي العديد من المجتمعات القبلية والريفية اعتادت بعض العشائر والقرى أن تتصاهر مع بعض العشائر والقرى الأخرى. كان من شأن هذا العرف الذي استمر لأجيال أن ينتج شبكة من العلاقات الاجتماعية تربط بين الجماعات، وتقلل المشاحنات بينهم، وتوفر لهم حلفاء مهمين في حالة التعرض لهجوم من جماعات معادية.
الصيد والحروب لدى الرئيسيات
كانت السعادين والقردة تعتبر قديما جامعات للثمار مسالمة تعيش على نظام غذائي نباتي تكمله أحيانا بالحشرات أو بيض الطيور أو الزواحف الصغيرة، لكن في السنوات الأخيرة اكتشفت الدراسات الميدانية التي أجريت على الرئيسيات في موائلها الطبيعية أن عددا منها - بما يشمل الفرفت والماكاك والميمون والبابون وإنسان الغاب والشمبانزي - يصطاد ويقتل حيوانات أخرى من ذوات الدم الحار، ومن بينها رئيسيات أخرى.
قد تكون قردة الشمبانزي أنجح الصائدين بين كل الرئيسيات غير البشرية؛ فقد رصدت قردة الشمبانزي وهي تصطاد وتقتل تسعة عشر نوعا على الأقل من الثدييات، منها الخنازير البرية والظباء وعدة أنواع من القردة (فريستها المفضلة). فقد وجد أن إحدى مجموعات الشمبانزي تقتل بصورة روتينية أكثر من عشرة في المائة من قردة كولوبس الحمراء التي تعيش في منطقتها كل عام، وهو معدل قتل مساو لمعدل القتل لدى الضباع والأسود. عادة ما ينفذ عملية الصيد مجموعة من الذكور البالغين، الذين يتعاونون في ملاحقة الفريسة ومحاصرتها حتى يتمكنوا من الاقتراب منها لدرجة كافية ليجهزوا عليها. هذه إجمالا هي الطريقة نفسها التي يستخدمها الصيادون من البشر حول العالم، مع اختلاف واحد مهم: يجب أن يقتل الشمبانزي فريسته عن طريق عضها بأنيابه الطويلة الحادة كالموس وتمزيقها بأياديه المجردة، أما الإنسان فيقتل فريسته بأسلحة مصنعة يمكنها إيقاع إصابات قاتلة عن بعد؛ تجنبا لمخاطر التلاحم.
حتى وقت قريب كان يعتقد أن البشر وحدهم بين جميع الرئيسيات يشاركون في العنف القتالي ضد أفراد من نوعهم، وكان يعتقد في وقت سابق أن السلوكيات من عينة القتل والحرب وأكل المثيل غير معروفة بين مجتمعات القردة والسعادين التي هي نباتية بدرجة كبيرة (والأكثر مسالمة حسبما يفترض)، لكن دحضت الدراسات الميدانية التي أجريت على الرئيسيات في موطنها الطبيعي الرأي السابق دحضا تاما؛ فعلى مدى عشرة أعوام روقبت مجموعة عدوانية للغاية من قردة الشمبانزي في أوغندا وهي تقتل ثمانية عشر عضوا في جماعات منافسة، وهو معدل قتل أكبر بعدة أضعاف من متوسط معدل القتل لدى البشر من الصيادين وجامعي الثمار. وقد وثقت دراسات أخرى عديدة عدة حالات من القتل وقتل الأطفال وأكل المثيل بين مجموعة متنوعة من أنواع الرئيسيات.
من بين كل السلوكيات العنيفة التي كان يعتقد في الماضي أن البشر ينفردون بها، ربما كان الأكثر إدهاشا هو اكتشاف قدرة جماعات معينة من قردة الشمبانزي على شن حملات متواصلة من العنف ضد جماعات مجاورة هدفها النهائي احتلال أجزاء من أرضها وادعاء ملكيتها لها. هذا النوع من «الحروب» مشابه إلى حد لافت للغارات التي كان يقوم بها الصيادون جامعو الثمار والقرويون المزارعون حول العالم.
অজানা পৃষ্ঠা