فنفخ قائلا: مضى أبي إلى هدفه على رغمي، غير مقيم لرأيي وزنا حتى وجدت نفسي بين أمرين لا ثالث لهما؛ فإما النزول عند إرادته، وإما الموت جوعا. - لماذا لا تبحث عن عمل في غير دكان أبيك؟
فتمتم في نبرات يائسة: لا أستطيع، لا أستطيع.
فاحتدم الغيظ في صدرها وقالت: يا لك من جبان حقير! ألا تعرف ماذا يعني هذا بالنسبة إلي؟
فقال بلهجة تقطر أسفا وحزنا: أعرف وا أسفاه! الله وحده يعلم بحزني وأسفي.
فألقت عليه نظرة حامية وقد أثارتها لهجته الأسيفة لحد الكراهية القاتلة، وقالت بصوت مرتعش: حزين وآسف، يا لك من مسكين! وماذا تظنني صانعة بحزنك وأسفك؟ إن الحزن وحده لا يصلح الخطأ، فماذا تظنني صانعة بحزنك؟ لقد أوقعتني في ورطة قاتلة، فلا يجوز أن تدعني وحدي وتهرب: ألا تفهم هذا؟
وبدا وكأن الحيرة تمسك بلسانه، ونظر صوبها في خوف دون أن يحير جوابا. وأثارها صمته كما أثارها تظاهره - كانت متأكدة من هذا - بالأسف، فقالت بحدة: ما عسى أن أصنع؟
فازدرد ريقه وقال بصوت متقطع منخفض: وا أسفاه! .. إني أدرك حرج موقفك .. لشد ما يؤلمني هذا .. ولكن ... أعني ... ما عسى أن أصنع أنا؟
فقالت بحقد وهي تكظم عواطفها الثائرة: ارفض هذا الزواج، لا نجاة لي إلا بهذا.
فقال بعجلة ضاعفت حنقها: أرفضه؟ .. فات الوقت. - يجب أن ترفضه؛ لم يفت الوقت بعد، يجب أن تفكر في، لا نجاة لي إلا بأن ترفضه.
وقال بلهجة اليائس وهو يشعر بالخوف: ليس في وسعي هذا.
অজানা পৃষ্ঠা