فلاح في وجهها الاعتراض دون أن تنبس، فتساءل: هل من الضروري أن تقوم أمي بهذه المهمة؟
فترددت قليلا ثم قالت بصعوبة ووجهها يتضرج بالاحمرار: أظن هذا!
وضاق صدره بهذا القول الصريح الذي يساوره الاعتراف في قلقه. تخايلت لعينيه صورة أمه الحزينة وهي قابعة في الصالة التي لا يضاء مصباحها توفيرا للنفقات، فاضطرب صدره، وقال بصوت منخفض: سأحدثه وأقنعه بمفاتحة أمي في الأمر.
فتساءلت الفتاة في دهشة: ولماذا لا تحادثها بنفسك؟!
أوشك أن يقول «لا أستطيع» ولكنه أطبق فاه، ثم قال متجاهلا سؤالها: لشد ما أخاف أن يسخر مني، أو أن يعترض على استبقائك في الانتظار حتى أتم مرحلة التعليم الطويلة.
وقالت بصبر نافد وبلا وعي تقريبا: سيوافق على الانتظار ما دمت أوافق عليه!
وعضت على شفتيها في حياء وألم، فتطلع إليها في لهفة وشغف، ومد إليها ذراعيه وقلبه يضطرم اضطراما، ولكنها تراجعت عنه، مقطبة لتخفي تأثرها، وتمتمت: كلا، كلا، أنسيت ما قلت لك؟!
25
كان الشقيقان يجلسان حول المكتب كعادتهما كل مساء. وكان حسنين يعتمد وجهه بيده غائبا في أفكاره، تنم نظراته وقضمه لأظافره من آن لآخر على قلقه وتوتر أعصابه. وحسين نفسه لم يبد عليه أنه يجني ثمرة تذكر من نظره في كتاب مفتوح أمامه، وكان يختلس من وجه أخيه نظرات متقطعة فلا يتمالك نفسه من التبسم، وعواطف شتى تتناوب قلبه، وضاق بالصمت فقال بلهجة ذات معنى: طالت المفاوضات!
فانتبه إليه حسنين في فزع ثم تنهد قائلا: مرت ساعة، بل أكثر، ترى ماذا هناك؟
অজানা পৃষ্ঠা