فابتسمت أسارير المرأة، وقالت وهي تنظر صوب زوجها: ما دام والدها موافقا فلا مانع عندي.
وطلب إليها فريد أفندي أن تأخذ أهبتها للذهاب مع الشاب، فمضت متعثرة في خطوات الخجل، وما هي إلا دقائق حتى كانا يغادران الشقة معا، ولاحظت بهية أنه جعل يسير في حذر عندما اقتربا من شقة الأسرة، كأنه يخاف أن ينتبه إليهما أحد من الداخل، فساورها قلق وهمست في أذنه: كذبت على أمي بقولك إنك استأذنت والدتك، وستغضب نفيسة لأنك لم تدعها معنا!
فأشار إليها بالسكوت وأخذها من يدها إلى الفناء ثم إلى العطفة، وسارا معا والوالدان يطلان عليهما من الشرفة، وكانت بهية ترتدي المعطف الأحمر الذي يجلو نقاء بشرتها، فبدت كالقطة الجميلة، بيد أن القلق لم يذهب عنها وقالت له في لوم: ستعلم أسرتك برحلتنا إن عاجلا أو آجلا.
ولم يدع له سروره بالظفر مكانا لهم فقال ضاحكا: لم نرتكب إثما، ولن تحرق الدنيا! - ألم يكن الأخلق بك أن تدعو نفيسة معنا؟ - ولكني أريد أن أنفرد بك!
فقالت بقلق، وكانت تخاف نفيسة أكثر من أي مخلوق آخر: أنت لا تبالي شيئا، وا أسفاه!
ولم يكن لديه من وسيلة للانتقام من تحفظها وبرودها سوى الكلمات الصريحة، وأحيانا النابية فقال: وددت لو ارتكبت معصية معك حتى أستأهل هذا الوصف عن جدارة.
فتضرج وجهها بالاحمرار، وعبست في استياء دون أن تنبس بكلمة؛ لأنهما كانا قد اندسا بين الواقفين على طوار المحطة، وجعل ينظر إلى وجهها الساخط في سرور باطني، ثم همس مبتسما: أعني معصية خفيفة!
فأعرضت عنه حتى جاء الترام، فصعدا إلى الدرجة الأولى، ولم يكن بها إلا سيدة أجنبية، فشعر بارتياح، وجلس لصقها، ثم سألها في دعابة: كيف كان شوقك إلي في غيابي؟
فقالت في شبه غضب: لم تخطر لي على بال قط!
فهز رأسه كالحزين وقال: ما آلمني شيء كما آلمني إحساسي بتشوقك إلي.
অজানা পৃষ্ঠা