বায়ত মিন লাহম

ইউসুফ ইদ্রিস d. 1412 AH
53

বায়ত মিন লাহম

بيت من لحم: وقصص أخرى

জনগুলি

وارتاع الرجل حتى سقطت العباءة من فوق كتفيه، وفكر أن يمسك بخناقه، ولكنه في اللحظة التالية كان قد راجع نفسه، وحين تلفت حوله فلم يجد أحدا من المحتمل أن يكون قد رآه وهو يصفعه عاد للسير وكأن شيئا لم يحدث وهو يقنع نفسه أن الرجل لا بد مجنون هارب من مستشفى المجاذيب.

وما كاد هذا يحدث حتى وجد صاحب البقرة نفسه يضحك ضحكا عاليا متواصلا وكأنه قد جن فعلا، وبلغ به الاستهتار حد أنه حين سمع السؤال يلقى عليه من جانب الطريق، اندفع ناحية السائل ورفع يده يحاول أن يهوي بها على صدغه، ولكنه فوجئ بيد حديدية تقيد يده في مكانها، وبكف كأنها من بلوط تهوي على صدغه هو بأربعة أقلام سخية نظيفة جعلت عينيه تقدحان شررا، بل أعمته إلى درجة لم ير معها ضاربه، ولا فطن إلى أنه ضرب إلا بعد أن أصبح بينه وبين المعتدي مشوار ومشوار.

وعند كشك المرور تماما، سأله تاجر قمح تخين كان يفرش على جانب الطريق يشتري بالأقداح والشروات من الذاهبات إلى السوق: إلا قولي يا شيخ العرب، بالذمة والأمانة بكام؟

ولم يكن عربيا أو شيخ عرب، ولكنه بمنتهى التأدب أو بهدوء غريب، لا أثر مطلقا لأية ثورة فيه أجاب: بسبعة وتمانين وربع وبريزة للسمسار.

وكأنه لأول مرة يدرك، وبصفاء أيضا، أنه باع كل شيء ليشتري هذه البقرة بعدما ماتت جاموسته في أول شعبان، بل فطست ولم يلحقها الجزار بالسكين حتى، ولثلاثة أشهر وهو يدبر، وعلى المحصول الذي لا تزال أمامه أربعة أشهر طويلة، ومحفظته إن كانت لم تسرق في الخناقة فليس بها غير جنيه وربع هي آخر ما تبقى معه من نقود في الحياة، بسبعة وتمانين جنيه وربع وبريزة للسمسار، قالها مرة أخرى، وبصوت مخنوق أعلى حتى حدق فيه التاجر مذهولا لا يستطيع النطق.

وما كاد يلتفت حتى هبط من فوق جسر السكة الحديد رجل كان يحمل عنزة على كتفه، وما إن فتح فمه لينطق، حتى قال: بسبعة وتمانين وربع وبريزة للسمسار، وبعد برهة قابلته امرأة تحمل مقطفا ثقيلا وتنوء بحمله، وقبل أن يصلها أو تدرك وجوده رفع صوته وقال: بسبعة وتمانين وربع وبريزة للسمسار.

وقالت المرأة «يه»، ثم حثت الخطو وكأنها تهرب من شبح.

وعند التابوت كانت جماعة قادمة من طريق التوت بعضها راكب وبعضها ماش، ورفع صوته إلى أقصى ما يستطيع وقال: بالذمة والأمانة بسبعة وتمانين وربع وبريزة للسمسار.

وضحكوا، وقال واحد: الناس انهبلت، بينما تخلف ولدان راحا يشبعانه تريقة وسخرية.

وعلى مدخل البلدة رأى جاموسة ترعى على حافة «القيدة» فصرخ فيها: بسبعة وتمانين وربع وبريزة للسمسار.

অজানা পৃষ্ঠা