حكمت هذه الأسرة الجهة الغربية والجرد الأعلى من نهر الكلب حتى الدامور، من انبساط الموج إلى مرمى الثلج. أما آل بيت معن فهم أكراد الأصل ومن سلالة صلاح الدين الأيوبي. قدم جدهم الأعلى إلى لبنان واستقر في مقاطعة الشوف. وظل هذا البيت ينعم بالسلطة حتى ارتقاء فخر الدين كرسي الحكم.
إن عدد سكان الجبل هو حوالي 300000 نفس؛ ثلثا سكانه مسيحيون، والبقية من الدروز والمسلمين والمتاولة.
زعموا - ولا أدري على أي حساب استندوا - أن لبنان يمكنه إعداد 100000 مقاتل إذا ما جند أهلوه ابتداء من عمر 15 إلى عمر 70، أما المعقول فهو أن ننزل عدد محاربيه إلى ستين ألفا؛ وبناء على هذا التقدير يكون عددهم هكذا: 35000 ماروني، 15000 درزي ومسلم ومتوالي، 6000 روم، و3500 كاثوليكي.
ظهر - بناء على إحصاء قاموا به عام 1843 - أن الرجال الذين يمكنهم أن يحملوا السلاح في ست عشرة مقاطعة، ابتداء من الشوف حتى جبيل، كانوا 45050، منهم 34000 مسيحي، و10050 درزيا.
أما الإحصاء الذي وقع في يدي فلا يزيد فيه عدد سكان لبنان عن 193835 شخصا موزعة على مقاطعات لبنان الأربع والعشرين كما يلي: 290 يهوديا، 5395 متواليا، 8775 مسلما، 26445 درزيا، 153050 مسيحيا.
إنه يستحيل - وتلك هي الحالة في جميع أنحاء تركيا - أن نحصل على معلومات صادقة تمكننا من معرفة عدد السكان معرفة صحيحة. وليس ما يذكر في هذا الباب إلا تخمين مبني على تحريات وحسابات قائمة على افتراضات غامضة. أما إحصائي الذي قدمته عن سوريا فهو نتيجة عدة معلومات مستقاة من مصادر صحيحة محصت طويلا.
أخذ عدد السكان يزداد زيادة مطردة في الجبل على أثر تطبيق عملية التلقيح؛ فالطاعون الذي كانت تظهر دلائله في الأماكن البعيدة كان يوقف كل مرة بسرعة فائقة؛ لأن الأمير كان يطبق في بلاده الأنظمة الصحية بكل دقة، وذلك قبل أن يفكر نائب ملك مصر والسلطان في إنشاء المحاجر الصحية.
عرفت هذه البلاد باسم الجبل الدرزي لأن مشايخ آل تلحوق الدروز حكموها قبل عائلتي معن وشهاب في مقابل جزية ضئيلة كانوا يدفعونها للباشوات؛ فالمسيحيون - على الرغم من أنهم أبناء هذه البلاد - لم يجرءوا على الظهور، وكانوا يفضلون الخضوع لهؤلاء النزلاء الذين أتوا من مصر، وتمكنوا بوصفهم مسلمين - ولو ظاهرا - أن يطمحوا إلى الحكم.
تمتد المنطقة الدرزية من نهر الكلب حتى جزين حيث تنتهي الحدود الجنوبية لحكومة الأمير بشير. لسنا نجد دروزا قرب نهر الكلب، ولكنني جعلت هذا النهر تخما للمنطقة الدرزية؛ لأنه يقع ضمن نطاق المتن، ولئلا يظن أن هذه المنطقة تمتد إلى أبعد من هنالك؛ فمن أعالي هذا الجبل الذي يشرف على طرابلس ممتدا حتى ولاية عكار، لا نجد درزيا واحدا؛ فجل سكان هذه الناحية هم تقريبا من الموارنة والروم، والأكثرية الساحقة من الروم في لبنان تقيم في مقاطعات الكوره والبترون.
إن هذا الطوائف كانت في منازعات دائمة مع المتاولة؛ حكام هذه المقاطعة القدماء ومالكيها. وما استطاع الموارنة أن يجلوهم عن كسروان إلا بعدما شجعهم الأمير يوسف ومشايخ بشري وعائلتا حبيش والخازن الذين كانوا يقطنون آنذاك ضواحي بيروت؛ عند ذاك اندحر المتاولة وانكفئوا متراجعين عن هذه الناحية بعد أن تناقص عددهم إلى الألف عائلة، فأقاموا جميعا في أعالي قرى جرود جبيل والبترون.
অজানা পৃষ্ঠা