كان يتحدث بحدة وعنف غير عاديين، ويستخدم كلمات من نوع «الانتهازية اليمينية»، و«خيانة القضية». وعارضه بنفس الحدة والعنف، كاتب لبناني، مؤكدا أن أحدا ما كان سيسمح لهم بذلك، ابتداء من أطراف الجبهة اليسارية اللبنانية ذاتها حتى إسرائيل.
لاحظت أن نزار يصغي في اهتمام دون أن يشارك في النقاش. ونقل مروان هجومه إلى ميدان جديد قائلا: بماذا تفسر أنهم لا يرفعون إصبعا واحدا للدفاع عن المعتقلين اليساريين في سوريا؟
لم يتمكن اللبناني من الإجابة؛ إذ انضم إلينا في هذه اللحظة الرسام حامل العريضة، الذي لقيته عند أنطوانيت، ومعه شاب ذو سوالف طويلة وشفاه غليظة صافحني بحرارة، وأوشك أن يقبلني في فمي لولا أني نحيت وجهي في اللحظة المناسبة. وسرت في جسدي قشعريرة وأنا أرقبه يوزع قبلات الفم على الجالسين.
وجهت اهتمامي إلى صحن عريض من جمبري مشوي في أحجام كبيرة. ملأت صحني منه وأنا أحاول أن أتذكر إن كنت أكلت في حياتي جمبريا من هذا الحجم.
جرعت كأسا أخرى من العرق، وأقبلت أستمتع بملء فمي من اللحم الأبيض الطري، ثم أشعلت سيجارة. ورآني وديع أبحث عن منفضة، فوضع كأسه على طاولة صغيرة بجواره، ريثما التقط منفضة من فوقها وناولها لي.
نهض نزار فجأة منفعلا، فأحضر منشفة وهرع إلى الطاولة الصغيرة، فرفع الكأس من فوقها وجفف سطحها في عناية شديدة.
اضطرب وديع، ومد يده فتناول كأسه من نزار وهو يتمتم معتذرا، ودققت النظر إلى سطح الطاولة الذي خلته من الفورمايكا العادية.
خاطبني مروان بغتة: هل سمعت ما قاله السادات أمس لصحيفة جيروزاليم بوست؟
هززت رأسي نفيا. وأطرق وديع برأسه قائلا: أنا قرأته. ذكر أنه يقوم بإعداد قرار سياسي هام.
قال مروان: ووصف القرار بأنه سيكون خطوة تاريخية. ترى ماذا ينوي؟
অজানা পৃষ্ঠা