বায়না আসাদ ইফরিকি ওয়া নামির ইতালি
بين الأسد الأفريقي والنمر الإيطالي: بحث تحليلي تاريخي ونفساني واجتماعي في المشكلة الحبشية الإيطالية
জনগুলি
خضوع الجيوش الحبشية لقائد عظيم هو في الوقت نفسه زعيم وطني لا يعمل لمجده الشخصي، ولكن لينقذ الوطن، وكان هذا القائد العظيم والملك المغوار منليك الثاني، فهزم الطليان في موقعة «أمبا الأجي»؛ فانتحر قائدهم توسيلي، وكان يعين النجاشي في هذه الحرب الطاحنة وزيره ويده اليمنى، القائد الرأس ماكونين (والد هيلاسيلاسي)، فتمكن من حصار مكالي، ولم ينسحب عنها إلا بعد أن أخذ من الطليان غرامة حرب قدرها مليون ريال.
وحاول براتيري أن يعقد الصلح، فرفضه منليك، وصحت عزيمته على منازلة الطليان في موقعة حاسمة، فاستعد بالسلاح الذي أمدته به بعض الدول الأوروبية، وحشد جيشا قوامه ربع مليون جندي، ولما أصبح على غاية الاستعداد، وأخذ للموقعة الفاصلة أهبته، عرض على براتيري أن يدفع للحبشة 25 مليون ريال، وأن ينسحب إلى حدود إريتريا، فرأى القائد الإيطالي أن الشرطين بمثابة التعجيز له ولدولته، فرفضهما، ولكن إيطاليا عادت فندمت بعد الهزيمة.
وفي فبراير سنة 1896، برز براتيري بجيش عدده 20 ألفا، وسار قدما إلى عدوة، فلقيه منليك نفسه على رأس جيش يفوق على جيشه أربع مرات، وكان القائد العام أدموندي يعاونه ألبير توني، وديروميده، والينه.
4
وفي أول مارس سنة 1896، تقدم القواد الأربعة بجنودهم إلى تلك الجبال العالية، والصخور الشامخة التي يحفظ الحبشان كل خطوة منها عن ظهر قلب، فأحاطوا بالجيوش الإيطالية، وأعملوا فيها بكل سلاح حتى أجهزوا عليها في ساعات معدودة، فخسر الطليان أكثر من نصف جيشهم بين قتيل وجريح، وأسر الأحباش النصف الآخر عدا ما وقع لهم من العتاد والسلاح والذخيرة، ومنها سبعون مدفعا، ووضع الأحباش يدهم على المعسكر كله، وقتلوا قائدين، وأسروا الثالث، وأسرع الجنرال براتيري إلى أحد الثغور فطير نبأ الهزيمة إلى روما ناسبا الخسارة إلى جنوده، وأسرع بالفرار إلى وطنه، فقابلوه شر مقابلة، وسقطت وزارة قومه، وعقد مجلس حربي عال لمحاكمته، فحكم ببراءته، ودمغه بحيثيات قضت على حياته نص بعضها ما يأتي: «وحيث إن المجلس يرى أن اللوم في الهزيمة واقع على من اختار هذا الرجل للقيادة وهو لا يصلح لها، وأقل من أن يتولاها، فلا لوم عليه ولا تثريب.»
5
وفي الحق عد هذا الحكم بمثابة موت مدني.
وبعد أن تم النصر للحبشة، واستولى منليك على أسلاب الجيوش المهزومة، اقتفى أثر الفلول الهاربة إلى إرتيريا فمر بحدودها، ووضع يده على حصن أدجري واستولى عليه، وأخلى الطليان من تلقاء أنفسهم مدينة كسلا، وحاولوا أن يجمعوا جيشا جديدا، ولكنهم عجزوا عن القتال بعد أن دب الرعب في قلوبهم.
وكان منليك قد أنشأ مدينة أديس أبابا، ومعناها بالحبشية الزهرة الجديدة، وجعلها عاصمة ملكه، فأرسل الطليان إليها في أكتوبر سنة 96 وفدا لعقد الصلح، فكانت أشبه بسدان سنة 1872، وفرساي سنة 1919، فعقدت المعاهدة، وقد نص فيها على إلغاء معاهدة أوشالي، وهي أصل البلاء؛ لأنها أسست على الخداع، وتغيير الحقيقة، وجنى كريسبي وأنطونيلي ثمرات أعمالهما!
وعاش منليك بعد ذلك الفوز 17 سنة كان أثناءها موضع الاحترام والتقديس في أفريقيا والشرق، ومصدر الرعب في بعض ممالك أوروبا، ولا سيما إيطاليا.
অজানা পৃষ্ঠা