فقالت وهي تجد للنطق بالاسم قلقا لا تدري له من سبب: حسن إبراهيم ضابط قسم الجمالية.
فقال السيد متسائلا في انفعال: قلت إنك أدخلت خديجة وحدها على السيدات؟! - نعم يا سيدي. - هل زرنك مرة أخرى؟ - كلا يا سيدي، وإلا كنت أخبرتك.
فسألها منتهرا كأنما هي المسئولة عن هذه الغرابة: أرسل قريباته فرأين خديجة، وإذا به يطلب عائشة! ... ما معنى هذا؟!
فازدردت الأم ريقها الذي جف بين الأخذ والرد، وتمتمت: في مثل هذا الحال لا تدخل الخاطبات البيت المقصود، إلا بعد أن يزرن كثيرا من بيوت الجيران متحريات عما يهمهن، وبالفعل قد أشرن في حديثهن معي إلى أنهن سمعن بأن للسيد كريمتين، ولعل تقديم واحدة دون الأخرى ...
أرادت أن تقول: «لعل تقديم واحدة دون الأخرى وكد لديهن ما سمعن عن جمال الصغرى.» ولكنها أمسكت خوفا من مضاعفة غضبه من ناحية، وإشفاقا من الجهر بهذه الحقيقة التي ترتبط في ذهنها بألوان قاتمة من القلق والأسى من ناحية أخرى، فأمسكت مكتفية بإتمام الحديث بإشارة من يدها كأنما تقول: «إلخ إلخ.»
وحدج السيد إليها بنظر حاد حتى غضت الطرف استخذاء، وانقلب إلى حال من الامتعاض والحزن كثفت الغضب في صدره، فمضى يقرع أضلعه يروم متنفسا أو ينشد صحبة، ثم صاح بصوت عاصف: عرفنا كل شيء، ها هو ذا عريس يتقدم طالبا يد ابنتك، فأسمعيني رأيك؟
شعرت بسؤاله يستدرجها إلى حفرة لا قرار لها، فقالت بلا تردد وهي تبسط راحتيها في تسليم: رأيي رأيك يا سيدي ولا رأي لي غيره.
فصاح في زمجرة: لو كان الأمر كما تقولين ما فاتحتني في الأمر.
فقالت في لهجة ملهوجة وإشفاق: ما حدثتك يا سيدي إلا لأخبرك عما جد في الأمر؛ لأن واجبي يقضي علي بأن أطلعك على كل ما يتصل ببيتك من قريب أو بعيد ...
فهز رأسه في حنق قائلا: من يدري. إي والله من يدري ... ما أنت إلا امرأة، وكل امرأة ناقصة عقل، والزواج خاصة يفتنكن عن الرشاد، فلعلك ...
অজানা পৃষ্ঠা