فقالت خديجة وهي تذر البودرة على وجهها: إنها بنت هرمة، وهيهات أن يفوتها شيء، وأراهنك على أنها سوف تزورنا غدا على الأكثر لإجراء تحقيق شامل.
ولم يشأ كمال أن يغادر الحجرة كما كان المنتظر، أو لعله لم يستطع مغادرتها تحت إغراء المشهد الذي يمثل أمام عينيه، والذي يراه لأول مرة في حياته فلم يسبق له أن رأى وجه أخته وهو يلقى هذا التغير الذي استحال معه وجها جديدا، البشرة تبيض والوجنتان تتوردان والعينان تصطبغ أشفارهما بسواد لطيف يرسم لهما حدودا جذابة، ويضفي على حدقتيهما صفاء بهيجا، وجه جديد هش له قلبه فطرب هاتفا: أنت يا أبلة الآن كالعروس التي يشتريها بابا في مولد النبي.
فضحكت الفتاتان وسألته خديجة: هل أعجبك الآن؟
فاقترب منها مسرعا ومد يده صوب أرنبة أنفها وهو يقول: لو تزول هذه!
فتفادت من يده، ثم قالت لأختها: أخرجي هذا النمام.
فقبضت عائشة على يده وجذبته إلى الخارج رغم مقاومته حتى أخرجته وأغلقت الباب، ثم عادت إلى استئناف عملها الجميل، فواصلتا نشاطهما في صمت وجد. ومع أنه كان من المتفق عليه في الأسرة أن تقتصر مقابلة الخاطبات على خديجة وحدها، إلا أن الفتاة قالت لعائشة على سبيل المكر: ينبغي أن تتأهبي أنت أيضا لاستقبال الزائرات.
فقالت عائشة بمثل مكر أختها: لن يكون هذا قبل أن تزفي إلى عريسك!
ثم استدركت قائلة قبل أن تتكلم خديجة: أما الآن فكيف للنجوم أن تطلع مع القمر؟!
فرمتها أختها بنظرة مستريبة وتساءلت: من يكون القمر؟
فقالت عائشة ضاحكة: طبعا أنا!
অজানা পৃষ্ঠা