قال: فلنفرض أنها تحب زوجها.
قلت: إذا كانت تحبني فمعنى هذا أنها لا تحب زوجها. إن الزواج لا يقوم بغير الحب، فإذا انتهى الحب انتهى الزواج.
قال: مش ضروري.
قلت باستنكار: إزاي؟
قال: ده كلام الناس اللي بيكتبوا روايات ويألفوا عن الحب. خلاص مفيش حب مفيش زواج، وكأن الحكاية معادلة جبرية، مين قال كده؟ الحب شيء فعلا والزواج شيء ثان، حتى اللي بيحبوا بعض ومجوزين بيحبوا بعض مش كحبيبين ولكن كزوجين. الحب مسألة عاطفية والزواج مسألة اجتماعية، حاجة بيخش فيها المجتمع طرف ثالث. وما دام دخل المجتمع بيتغير نوع العلاقة، وبيتساوى فيها اللي اجوز عن حب واللي اجوز كده، بتصبح عشرة وعادة ومسئولية وثقة وكله قدام الناس، فين العلاقة دي وفين الحب اللي زي حبك كده؟
وغضبت في سري؛ فقد أحسست أنه يهين أعز ما في نفسي، واستطرد هو يقول: أنت عارفها؟ شفتها وهي صاحية من النوم؟ شفت أخلاقها؟ اتخانقت معاها مرة واصطلحتوا تاني؟ مين دي؟ دي بالنسبة لك وهم.
ولم أستطع صبرا. اندفعت أقول له إن كل ما يتحدث عنه أشياء ثانوية تأتي في المرتبة التالية بعد أن يكون أساس العلاقة قد وجد؛ أي بعد الحب.
وابتسم وقال: وإيش عرفك ؟ دا يمكن الواحد ما بيحبش الثاني إلا بعد ما يشوف منه الحاجات الثانوية دي اللي بتقول عليها ثانوية، دا يمكن هي دي الإنسان، هي دي الشخص نفسه، هي دي اللي بتنحب.
وسكت، وسكت أفكر في كلامه. كنت أحس لسبب ما أنه على خطأ، ولكني لم أعرف كيف أرد عليه، ووجدت ملامحه تتخذ طابعا جادا نوعا، ويضع كوب البيرة الذي كان قد نسيه فارغا معلقا في يده ويقول: اسمع يا يحيى! أنت أناني جدا. تصور! إنسانة كويسة تتمتع بسمعة طيبة جدا في الجو اللي بتعمل فيه، ومتزوجة وتحب زوجها وسعيدة، تيجي أنت وتظل تتحايل حتى تجعلها تحبك وتترك زوجها وتفضح نفسها وتتزوجك. ألا تعرف معنى هذا؟ معناه أنك تقضي عليها، معناه أنك تحطم حياتها ومستقبلها. لا أنت ولا هي عايشين وحدكم في الدنيا، أنتم في مجتمع. وأنت مضطر، سواء أردت أم لم ترد، لمراعاة القيم السائدة فيه. والزواج قيمة كبيرة جدا، والزوجة التي تحطم هذه القيمة من أجل إعجاب عابر بشاب أو برجل مهما كانت صادقة ومهما كانت بتتحب من المجتمع مش ممكن يغفر لها العمل ده، وبيعاقبها عقاب جماعي، وبتمتد ألسنته حتى إلى حياتها الجديدة وتفضل تهدم فيها لغاية ما في يوم تلاقي نفسها في الشارع أو على الرصيف.
وأيضا لم أجد في نفسي أي ميل لمجاوبته ونقاشه؛ فالرأي الذي كان يقوله كنت أعرفه تمام المعرفة؛ إذ هو رأي الناس جميعا في مشكلة كتلك، رأيهم أن ما أفعله خطأ.
অজানা পৃষ্ঠা