قال أبو سعيد: في معاني قول أصحابنا: إنه لا يؤم الصبي في الفرائض كلها واللوزام، لسقوطها عنه في معاني السنة، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "اختاروا لإمامتكم أفضلكم وخياركم" إنما خاطب بذلك أصحابه البالغين وأمثالهم ممن قد لزمه معنى الإمامة، ولا أعلم في قول أصحابنا ترخيصا في إمامة الصب قبل أن يحتلم في اللوازم، وأما في سائر الوسائل فقد /25/ أجاز ذلك من أجازه منهم، مثل قيام شهر رمضان وأمثاله، وإذا حسن ذلك للصبي وأمن على الطهارة فإنه ليعجبني ما حكي من قول من قال منهم: إنه لم يكن معهم من يقرأ أو عدموه أنه تجوز إمامة الصبي إذا عقل، لما روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: الصلاة على من عقل، والصوم على من أطاق، يعني من الصبيان، ولثبوت معنى الجماعة أن لا تعطل، فإذا عدم قيامها إلا بإمامة هذا الصبي على هذه لصفة، أعني إجازة ذلك على هذا المعنى، ومعنى آخر أولى منه أن يكون الحاضر لا يحسن من القراءة ما تقوم به الصلاة، ولا تعليم ذلك لثبوت اتباع المأموم للإمام في القراءة إنه يجزي عنه، فإذا كان على أحد هذين الوجهين كانت عندي إمامة الصبي العاقل المحسن لذلك، المأمون على الطهارة أفضل من تركها وتعطيلها.
ومنه قال أبو بكر: أباح عوم أهل العلم إمامة الأعمى، فممن كان يؤم وهو أعمى ابن عباس وغسان بن مالك وقتادة، وهذا قول القاسم بن محمد والشعبي وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري وإبراهيم النخعي، وبه قال مالك وسفيان الثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي، وقد روينا عن ابن عباس رواية ثانية أنه قال: أؤمهم، وهو يدلوني إلى القبلة، وعن أنس بن مالك أنه قال: وحاجتكم إليه.
قال أبو بكر: إمامة الأعمى كالصحيح، وهو داخل في جملة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله"، وقد روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه استخلف ابن أم مكتوم في المدينة يصلي بالناس.
পৃষ্ঠা ১৯১