قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا أنه ليس للمقيم الجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما إلا من عذر من مطر يخاف منه الضرر أو من مرض يشغله عن القيام بالصلاتين كل صلاة في وقتها، أو معنى من المعاني يوجب معنى الضرر للقيام بالصلاة في وقت الحاضرة، فإذا كان شيء من هذا فمعهم أنه جائز للمقيم الجمع بين الصلاتين بالتمام في وقت الأولى منهما أو في وقت الآخرة، ويستحب له إن أمكنه ذلك أن يتحرى أن يصلي الأولى في آخر وقتها، والآخرة في أول وقتها، وإذا وجب العذر فأي ذلك جاز له عندي من قولهم يشبه معاني الاتفاق، كنحو ما اشتبه ذلك عندي من قولهم في الجمع في السفر لثبوت معاني /163/ المشقات، ومعاني الضرر في القيام بالصلاة في وقتها، ولأنه إذا ثبت معنى القصر في السفر بمعنى الترخيص، وقد قال تعالى: {إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى} فقد ساوى بين المطر والمرض، وقال: {ومن كان مريضا أو سفر فعدة من أيام أخر} فثبت بمعنى المرض الإفطار في الصوم في رمضان بنحو ما ثبت في السفر ، فلما ثبتت هذه المعاني كان الجمع فيهما مشابها مستوى المعاني، وأما على غير معنى عذر فلا يثبت عندي على معاني قولهم إجازة الجمع للمقيم، إلا أنه إن فعل كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى الأولى في آخر وقتها، وصلى الآخرة في أول وقتها جمعا معا وأبصر ذلك، ومعناه خرج ذلك مخرج الإفراد لا مخرج الجمع؛ لأنه قد صلى كل صلاة في وقتها. [بيان، 14/163] من كتاب الأشراف: روينا عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: إذا كان في يوم غيم فعجلوا العصر وأخروا الظهر. وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: عجلوا الظهر والعصر وأخروا المغرب. وعن الحسن وابن سيرين قال: تعجلوا العصر وتؤخروا المغرب. وقال الشافعي: إذا كان الغيم مطبقا تراعى الشمس، ويحتاط ويتوخى تن يصليها بعد الوقت، ويحتاط بتوخيها بما بينهما وبين أن يخاف دخول العصر، وقال إسحاق: نحوا من ذلك. وقال /164/ أصحاب الرأي: تؤخر الظهر وتعجل العصر، وتؤخر المغرب وتعجل العشاء، ويثوب بالفجر.
قال أبو سعيد: معي أن معاني قول أصحابنا ما يخرج في الصلاة في الغيم، نحو ما يروى عن أصحاب الرأي أنهم يراعون أوقات الصلاة ويؤخرون صلاة الظهر، حتى لا يشكوا أنها قد زالت، ويعجلون صلاة العصر، على معنى الاحتياط أن تكون قبل المغرب، وبعد أن يدخل وقتها في الاعتبار معهم، وكذلك يؤخرون صلاة المغرب حتى لا يشكوا أن الليل قد طلع، ويعجلون العشاء الآخرة حتى لا يشكوا أنهم صلوها في وقتها، وكذلك يؤخرون صلاة الفجر حتى لا يشكوا في معنى الفجر أنهم يصلونها بعد طلوع الفجر. والمذهب عندي في هذا التحري إنه إذا كان الوقت من الصلاة لم يحن وصلاها لم يقع في النظر، فإذا كان قد حان الوقت وانقضى وصلاها وقعت على حال، إما في وقتها وإما بدلا منها، والاعتبار في التحري يخرج عندي على هذا المعنى أنه قد جاز في النظر أتم الصلاة حينئذ، فإن كان في الوقت فقد وافق، وإن كان في غير الوقت فقد صح البدل. [بيان، 14/164]
পৃষ্ঠা ৭৭