قلت: ولو أن أهل هذه المقالة نظروا فيما قالوا في مسألة الصفات وقولهم أنها غير الله وأنه قد استكمل بها للزمهم أنه قد استكمل بغيره، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ، ولكان حجة عليهم فيها، وهلا نزلوا عن وصفه بالحكمة منزلة وصفه بالعلم.
قال السيد محمد بن إبراهيم: وقد أحالوا في تحسين مذهبهم بمجرد عبارات مزخرفة ليس تحتها أثارة من علم مثل تسمية الحكمة العلة، وإيهام أن القول بالحكمة يقدح في كون الله غنيا، وهذا من الظن الباطل، ولو كان ذلك يقدح في غناه وجب أن يقدح في غناه وجوب وصفه بكونه عليما قديرا سميعا بصيرا إلى سائر أسمائه الحسنى خصوصا كونه تعالى مريدا، ولا ريب ولا شبهة أن قاعدة الكمال في الأفعال أن يكون صدورها عن الحكمة البالغة في توجيهها إلى المصالح الراجحة والعواقب الحميدة، وكلما ظهر ذلك فيها كانت أدل على حكمة فاعلها وعلمه، وحسن اختياره ومحامده، وكلما بعدت عن ذلك كانت أشبه بالآثار الاتفاقية وما يتولد من العلل الموجبة، وأشبهت أفعال الصبيان في ملاعباتهم، والمجانين في خيالاتهم، فمن نفى عن أفعال الله كل داع....وحكمة فقد جعلها من هذه الجهة أنقص من أفعال الصبيان والمجانين وملاعباتهم وخيالاتهم، وإنما قلنا أنهم جعلوها أنقص من ذلك لوجهين:
পৃষ্ঠা ৫৪