قال: ولا يصح أن يقول قائل أنهم غير عالمين على الحقيقة بقبحها وإنما غلبت عليهم العادة، وقضوا بذلك من حيث الإلف فقط، وليس هذا الاعتقاد بعلم على الحقيقة وذلك أن نفوسهم ساكنة إلى اعتقاد هذه الأشياء، كما أنها ساكنة إلى اعتقاد أن السماء فوقهم والأرض تحتهم، فلئن جاز في اعتقادهم لقبح القبائح ووجوب الواجبات أن لا يكون علما ليجوزن فيما ذكرناه ثابتا أيضا أن لا يكون علما.
وبعد فإنا نجد في الظالمين من يألف الظلم ويعتاده فكان يجوز أن يعتقد حسنه وهو محال.
قال في الغايات: قالت المجبرة: لوكان قبح الظلم والكذب ونحوهما بالمعنى الذي ذكرتم وهو القبح الذي يتبعه استحقاق الذم معلوما ضرورة لشاركناكم في معرفة ذلك لأن هذا هو حكم البديهيات، أعني أنه لا يختلف العقلاء فيها كما لا يختلفون أن الواحد هو نصف الإثنين ونحوذلك، ونحن قد خالفناكم فيما ادعيتم أنه بديهي وأنكرنا العلم الذي ادعيتم ونحن الطبق الأعظم الذي يستحيل على مثله التواطؤ على الكذب؛ فبطل ما زعمتم من كونه بديهيا.
পৃষ্ঠা ২৩