البطريق ضحى النهار في موضع يعرف بسبيطلة وكان جرجير في مائة وعشرين ألفا فضاق المسلمون في أمرهم واختلفوا على لين سعد في الرأي فدخل فسطاطه مفكرا في الأمر فلما رأى جرجير خيل العرب اشتد رعبه وأهمته نفسه فأخرج ديدبانه وصد فيه يشرف على العساكر ويرى القتال وأمر ابنته فصعدت الديدبان وسفرت عن وجهها وكان عدة خدمها اللائي صعدن الديدبان أربعين جارية في الحلي والحلل من أجمل ما يكون ثم قدم كراديسه كردوسًا كردوسا وهو تحت الديدبان ثم قال لهم (أتتعرفون هذه) فقالوا (نعم هذه سيدتنا، ابنة الملك وهؤلاء خدمها) فقال لهم (وحق المسيح ودين النصرانية لئن قتل رجل منكم أمير العرب عبد الله بن سعد لأزوجه ابنتي هذه وأعطيه ما معها من الجواري والنعمة وأنزله المنزلة التي لا يطمع فيها أحد عندي) وما زال ذلك من قوله حتى مر على المسامع خيله ورجله فحرض بذلك تحريضًا شديدا.
وإن عبد الله بن سعد لما انتهى إليه ما فعل جرجير وما كان من قوله نادى في عسكره فاجتمعوا فأخبرهم بالذي كان من جرجير ثم قال (وحق النبي محمد ﷺ لا قتل أحد منكم جرجير إلا نفلته ابنته ومن معها) ثم زحف المسلمين فالتقى الجمعان واستحر القتال واشتعلت نار الحرب والمسلمون قليل والمشركين في عشرين ومائة ألف وأشكل الأمر على ابن سعد ودخل فسطاطه مفكرا في الأمر.
ذكر قتل عبد الله بن الزبير لجرجير
ملك أفريقية والمغرب كله
قال عبد الله بن الزبير: فرأيت عورة من جرجير والناس على مصافهم
1 / 10