ورد عليه إبراهيم أفندي بصوت لا يقل عنه علوا، واشتركت أم نعيمة بلسانها ويديها ورموشها وعينيها، وتناثر الأولاد في الصالة بعضهم يردد كلمات الأب، وبعضهم يعزز حركات الأم، وبعضهم يقلد الأسطى شعبان ويسخر من كلماته، وفي تلك الأثناء هاجت القطط وانطلقت تموء دون أن يزجرها أحد .. وسقطت أشياء في الحمام وقرقعت قباقيب على البلاط ورفع صاحب القهوة المجاورة مذياعه على الآخر، وأذن المغرب، وبدأت صيحات اللبن الزبادي.
وآب كل شيء فجأة إلى هدوء، حين ارتفع صوت إبراهيم أفندي يقول: ولزومه إيه كتر الكلام .. نحقق .. واللي عليه الحق ينضرب بالجزمة. •••
وهكذا بدأ التحقيق.
وبدأ الخلاف، فمن من الولدين يحكي أولا؟
واستقر الرأي أخيرا على أن يبدءوا برواية المجني عليه المجروح، وبدأ ابن شعبان يتكلم، وما إن فتح فمه حتى صمت الجميع وترقبوا، وعم السكون، وحينئذ تلجلج ولم يستطع إخراج الكلمات إلا بعد أن نظر إلى أبيه، وكش فيه أبوه، فانطلق يقول: كنا .. كنا بنلعب .. وبعدين قسمنا قسمنا نفسينا. أنا كنت بدا .. بدافع ودهه (وأشار إلى فؤاد دون أن ينظر إليه) وده كان الأسطول .. جه جه يزقني ماقدرشي علي.
واندفع فؤاد الرفيع يقاطعه: أنا ما اقدرتش عليك؟ مش احنا قايلين مفيش طوب .. ضربتني بالطوبة ليه؟
وهب فيه أبوه يقول: اخرس. فخرس فؤاد وخرس ابن شعبان أيضا وعم سكون.
وتنحنح شعبان وقال لابنه: يا ولد احكي كويس، كنتم بتلعبوا إيه؟
ورفع إبراهيم أفندي جذعه ورأسه وذراعيه محتجا على سؤال الأسطى شعبان، طالبا أن يترك الولد ليروي ما حدث دون أي تدخل أو مساعدة.
وقال شعبان وأمره إلى الله: يا خوانا دانا عايز بس نعرفوا إيه الموضوع.
অজানা পৃষ্ঠা