মিশরের মহাউত্থানের নায়ক সাদ জাগলুল বাশা
بطل النهضة المصرية الكبرى سعد زغلول باشا
জনগুলি
كلكم تعرفون يا حضرات المحامين أن القضايا كانت ترفع إلى المحاكم وفي كل مئة منها سبعون أو ما يزيد ترفع فيها المسائل الفرعية فتقبل لخطأ في الشكل وجهل بالطرق القانونية، فأصبحت وليس في المئة خمس قضايا مما تقبل فيها الفرعيات، ومرجع الفضل في ذلك كله إلى سعد أفندي زغلول إذ كان قدوة وأستاذا للمشتغلين بصناعة المحاماة، بل كان أستاذ الكثيرين من القضاة، وهذه تقاريره الشرعية والعقلية محفوظة لدينا يرجع إليها كل من استبهم عليه أمر قانوني فلم يعد بعد من حاجة إلى بقائه بيننا، فقد أتم دروسه علينا سواء من حيث الصدق والاستقامة وطهارة الذمة أو من حيث البلاغة والفصاحة أو من حيث المسائل القانونية الدقيقة المعضلة، فليت شعري لأي شيء نتأسف من فراقه، وليس بنا من حاجة إليه إلا ما يطلب منه في دوره الجديد.
أي مشكل قانوني أو أية حادثة قانونية أخذت بطبيعتها شكلا من الأشكال والالتباس - وللحوادث طبائع تختلف حتى مع وحدة القانون - ولم نر مرجع الفضل في حله إلى حضرة الفاضل سعد أفندي زغلول؟ بل في أي وقت تنازعنا في مبدأ قانوني وكان الحكم بين الفريقين غيره، أو لم يكن الرجوع إلى آرائه في الأحكام السابقة التي بسبيل هذا المبدأ، وانتقاله اليوم إلى سلك القضاء لا يحزننا بل يملأ صدورنا فرحا واغتباطا؛ إذ به تزول عنا بقية الوصمة التي لم تبرأ حرفتنا من عابها حتى الآن، فلو قال لنا قاضي من القضاة بعد اليوم أن فيكم من لا يصلح لشيء أجبناه، بل إن فينا من شرف منصب القضاء. ا.ه». (1) خطبة صاحب الترجمة
فلما انتهى الأستاذ من هذه الخطبة البليغة، وانتهى الحضور من التصفيق والهتاف ودلائل الاستحسان والإعجاب، قام في أثره صاحب الترجمة يرسل بينهم ذلك الصوت العذب السحري وينثر فيهم ذلك البيان الجزل السحباني، يشكر لهم احتفالهم به وشهادتهم بفضله وإقرارهم بنبوغه وعبقريته، بل إن شئت قل قطعة من اعترافاته وناهيك باعتراف العظماء، قال: حفظه الله.
إخواني وسادتي
قد عهدتموني وليس من شيمتي الحسد؛ إذ ليس الحسد بنافع أحدا مطلقا، كما أنه لم يكن من طبعي الافتخار، فأنا آمن بما عهدت فيكم من أن ترموني به، ولكني أرى نفسي اليوم على غير ما طبعت عليه، أراني حاسدا نفسي فخورا بما أنا اليوم فيه؛ إذ كنت موضوع اهتمامكم ورهين عنايتكم وكنت أود لو أني بينكم أهنئ غيري من بين صفوفكم، بما يناله عن جدارة واستحقاق.
إخواني وسادتي
قد كنت أعرف في نفسي القدرة على البيان، وتقرير الحقائق، بل كنت أعتقد - ولو كنت مخطئا في اعتقادي - أني على شيء من البلاغة والفصاحة واللسن، وما عهدت نفسي كالآن عيبا محصرا محتسبا عاجزا عن القيام بما يجب لحضراتكم في بيان مقام الشكر لكم، وأراكم اختلفتم في الوجهة وتباينتم في الأسلوب وقد اتحدتم في المعنى واجتمعتم فماذا يسعني من أساليب البيان لأداء ما يحق لكل منكم، بماذا أشكركم وقد هجرت الكلام شهرا، ولولا أن مظاهر السرور على وجوهكم تدفعني للمقال، وأن لساني محض معبر عما يليه إحساسي الخالص ما استطعت الكلام الآن بعد أن اقتنعت من نفسي بأني عاجز عن مجاراة كل منكم في حلبة الفصاحة والبيان.
إخواني
أراني لا أزال واحد منكم، وأن نهاية الشرف عندي أن تقبلوني كذلك لأنكم أنتم الذين تخدمون الحقيقة ولا زلتم تجدون في طلبها، ولم يكن من أمري إلا أن ضعفت عن مجاراتكم واحتثاث السير معكم في هذا الطريق المحمود فجلست وسرتم.
هذا ما دعاني لأن أكون قاضيا، بعد أن كنت معكم محاميا، استرحت بعد العناء، لا زراية بشرف المحاماة؛ لأنها حرفة إظهار الحق لمن تولى أمر القضاء بين الناس، وأرى أن أفخر حلي الشرف أني كنت بينكم زمنا طويلا أسعى معكم في إظهار الحقائق، والله يعلم أني ما سعيت إلا لهذا المقصد الشريف، ولكني أشهد أنكم أشد مني عزيمة إذ قعدت وأنتم نهوض.
অজানা পৃষ্ঠা