============================================================
ثم كان ما كان من اختيار أخي عياد بن عيد الثبيتي لذلك المخطوط، تحقيقا ودرسا لدرجة الدكتوراه، وأشهد آنه قد اختاره من عند نفسه، معرفة منه بقدره، اذ كان قد جال جولات كثيرة في مخطوطات النحو الأندلسي استقرت به عند ذلك الكتاب و قد عرفت "عيادا" منذ ثماني سنوات، طالب علم يجمع أصول النحو الأندلسي المخطوط، إذ كان معنيا آنذاك بدراسة أبي الحسين ين الطراوة النحوي: وأعترف أني حين رأيته أون مرة بمعهد المخطوطات بالقاهرة، لم أعطه من نفسي ووقتي أكثر مما أعطيه لطلبة العلم الذين يختلفون الى المعهد، ويصدني عن كثير من هؤلاء الطلبة أن فيهم غفلة وعجلة، فقد صار التراث في أيامنا هذه مطية ذلولا، يركبها كل عاجز، قصرت خطاه وكلت قواه. وقد قلت مرات كثيرة، ولن أسأم من القول : إن جامعاتنا العربية لم تحسن الى التراث، حين سمحت بتسجيل النصوص للحصول على شهاداتها العليا، دون أن تزود الطالب بما يعينه على تحقيق ذلك النص من معرفة لمناهج التحقيق، وقراءة المخطوطات المشرقية والمغربية، وتوثيق النقول وتخريج الشواهد، وصنع الفهارس، وكيفية تقديم النص، والتعليق عليه، ثم الوقوف على أمهات المراجع العربية في فنون التراث المختلفة، ومعرفة التعامل معها، وحدود الافادة منها فلم يجد الطالب الذي يتصدى لتحقيق نص، سبيلا أمامه إلا أن يركض هناك وهناك، ويتخبط بين منهج واخر، ولا يخرج بشيء لأنه دخل بغير زاد.
لكني أعترف أيضا أني رأيت في "عياد" مثالا للطالب الجاد، فهو علم الله - من اكثر الطلاب الذين عرفتهم، حبا للعلم، وامتلاكا لأسبابه، وتهديا لدروبه، وهو حين اختار النحو الأندلسي مجالا لدراساته العليا، اتصل بالمكتبة الأندلسية اتصالا وثيقا، فجمع تراجم رجاله وآثار مصنفيه من
পৃষ্ঠা ১১