الفصل الأول فى ماهية المنطق ووجه الحاجة إليه ومنفعته
الانسان فى مبدأ الفطرة خال عن تحقق الأشياء، وقد اعطى آلات لا تعينه فى ذلك وهى الحواس الظاهرة والباطنة. فاذا احس بأمور جزئية تنبه لمشاركات بينها ومباينات ينتزع منها عقائد اولية صادقة لا يرتاب فيها عاقل ولا تزول بوجه ما مثل: ان الكل اعظم من الجزء، وان الاشياء المساوية لشيء واحد بعينه متساوية، وان الجسم الواحد لا يكون فى مكانين فى آن واحد، وعقائد أخر مساوية لهذه فى القوة كالحكم بأن كل موجود مشار إليه والى جهته، وان الأجسام اما لا تتناهى او تنتهى الى فضاء ممدود لا يتناهى لكنها كاذبة يستبان (1) كذبها بشهادة القضايا الأول كما سنبينه من بعد.
وقد يتردد فى امور بعد ادراك المحسات وانتزاع القضايا منها وقد لا يجد الى الحكم الجزم فى بعضها سبيلا وقد يجزم فى بعضها بتصرف فى هذه القضايا وتوصل منها إليه.
وهذا التصرف قد يكون تارة على وجه الصواب وتارة على وجه الخطأ ولا يشذ عن حكمنا هذا الا من ايد بحدس صائب وقوة إلهية تريه الاشياء كما هى وتغنيه عن الفكر.
فاذا انقسمت الاعتقادات الحاصلة للأكثر فى مبدأ الامر الى حق وباطل، وتصرفاتهم فيها الى صحيح وفاسد، دعت الحاجة الى اعداد قانون صناعى
পৃষ্ঠা ৫২