جعل الانسان فقد جعل الحيوان بجعله الانسان، لأن الانسان حيوان ما فاحداثه احداث حيوان ما اما أن يقال جعل الانسان ثم أفاده الحيوانية فلا، اذ تكون الانسانية متقومة، دون الحيوانية ثم تكون الحيوانية واردة عليه (1) من خارج وهو محال.
وهذا الوصف أيضا مما تشركه فيه اللوازم التى تلزم الشيء لماهيته لا فى وجوده مثل: كون الثلاثة فردا او المثلث مساوى الزوايا لقائمتين فليست الفردية موجودة لعلة أفادتها، بل الثلاثة فى نفسها وماهيتها لا تكون الا فردا، فاذا أوجدت علة ثلاثة فقد اوجدت فردا لا أنها أوجدت الفردية للثلاثة.
ففرق بين «أن يوجد شيئا» وبين «أن يوجده لشيء» ، فان مقتضى قولنا:
«يوجده لشيء» أن يوجد ذلك الشيء دون هذا الأمر ثم يفيده من بعد (2) ذلك الأمر.
فقد عرف بهذا التحقيق أن من اقتصر فى تعريف الذاتى على امتناع الرفع وجودا وتوهما لم يف بتمييز الذاتى عن بعض اللوازم.
وهاهنا بحث لفظى وهو: أن لفظ الذاتى هل يشمل الدال على الماهية والمقوم أم يختص بالمقوم فلا يكون الدال على الماهية ذاتيا؟
وذلك لأن الذاتى يدل على شيء له نسبة الى الذات وانما ينسب الى الشيء غيره لا نفسه وذاته والماهية هى الذات لا غيره، فمحال نسبتها الى الذات فلا يقع اذن اسم الذاتى عليها فلا يكون الانسان ذاتيا للانسان بل الحيوان والناطق ذاتيين له.
لكن الاستعمال اللغوى وان كان يمنع تناول الذاتى للدال على الماهية،
পৃষ্ঠা ৬৯