قلت: وحدثنا شيخنا جمال الدين أبو عبد الله القيسي المذكور ﵁ بما يدل على شرف النسخة المذكورة معينة، وعلى فضل هذا التأليف مطلقًا، قال: ما معناه أو قريب منه: " لما رحلت إلى أداء الفريضة نظرت ببلاد المشرق في مذهب أبي عبد الله الشافعي رحمه الله تعالى: لما رحلت إلى أداء الفريضة نظرت ببلاد المشرق في مذهب أبي عبد الله الشافعي رحمه الله تعالى، فرجحت عندي مسائل من مذهبه في مذهب مالك رحمه الله تعالى فيها.
فلما قفلت إلى بلدي، جعلت أميل في تلك المسائل إلى مذهب الشافعي رحمه الله تعالى، وأرى له التقدم فيها على مالك رحمه الله تعالى ورضي عنهما، واستمر على ذلك زمان إلى أن رأيت ليلة فيما يري النائم كأني قد خرجت إلى خارج بلدي تونس من جهة قبليها فيما بين البحيرة، والسبخة، فكنت أرى جماعة عظيمة من الناس، وقد استداروا حلقة، وفي وسط تلك الحلقة حلقة أخرى صغيرة من نحو عشرة، وهم جلوس، وأحدهم قائم، فقصدت الحلقة الكبرى، فلما وصلت إليهم قالوا لي: عن الحلقة الصغرى أن فيها ﷺ هو وأصحابه العشرة ﵃، فتقدمت نحوهم، فإذا بالقائم علي بن أبي طالب ﵁، فقال لي: ما تريد؟ فقلت له: أريد النبي ﷺ، فكان يقول لي: تقدم، فتقدمت حتى أتيت النبي ﷺ، وقبلت يده الكريمة، وقعدت بين يديه، فكنت أرى في حجره كتاب الموطأ نسخة جدي، يعني النسخة المذكورة التي كانت قراءتنا فيها، وتناولناها من يده، قال: فكنت أقول في نفسي: هذه والله كرامة لمالك رحمه الله تعالى، وقلت يا رسول الله، أريد أن أقرأ عليه من هذا الكتاب، فقال: " اقرأ، فقرأت من أوله نحو عشر ورقات من تلك النسخة، ثم قال لي رسول الله ﷺ: " كل ما في هذا الكتاب صحيح، واستيقظت من نومي، قال: فلما هببت من نومي أتيت إلى أبي رحمه الله تعالى في جوف الليل، فقصصت عليه رؤيا، واستوهبت منه تلك النسخة، فوهبها لي والحمد الله، وأصبحت وقد رجح عندي مذهب مالك في تلك المسائل التي كانت عندي مرجوحة بمذهب الشافعي رحمهما الله تعالى، وظهر لي فيها ما كان قد خفي على من أدلتها قبل.
وبالله التوفيق.
قلت: وحقيق لهذا التأليف العظيم الشأن، الكثير الفوائد، العظيم النفع، أن يري له ما رئي، وأن يوصف في الصحة بما وصف، وقد قال أبو زرعة، وما أدراك
1 / 61