আধুনিক বালাঘা ও আরবি ভাষা
البلاغة العصرية واللغة العربية
জনগুলি
وليست الكلمات سواء؛ فهناك من الكلمات ما نستعمله؛ فنرتفع فوق أنفسنا في الذكاء أو العاطفة، بل أكثر من ذلك؛ فإني أكاد أقول إن بعض الكلمات يجعل الناس أذكى مما يتوهمون، كما أن هناك كلمات تجعلهم أشرف وأشهم مما يحسون، وقد تكون الكلمات أربطة اجتماعية تضمد وتجمع كما تكون سموما تفكك المجتمع وتنساب فيه شرورا.
الفصل العشرون
الكلمة شعار
في الفصل السابق ذكرت بضع كلمات عربية قديمة يصح أن يكون كل منها شعارا ينضوي إليه ويعمل به كل شاب بل يصح أن تؤلف الجمعيات للدعوة إلى المبادئ التي تقول بها، فنقول: «جمعية المروءة» أو «جمعية الشهامة» وندعو الشبان والفتيات إلى اتخاذ المبادئ التي تنطوي عليها كل من هذه الكلمات وأي شيء هو أثمن في أية لغة في العالم من أن تحمل كلماتها أو بعض كلماتها كالمبادئ الاجتماعية السامية التي تنظم بها المجتمع ويسير بها أفراده عفو قلوبهم سيرة الشرف والاستقامة والطيبة؟
والأمة المتطورة تحتاج إلى كلمات جديدة تحمل لها الهداية العصرية والأهداف الاجتماعية، كلمات تمتاز بالإيحاء الذي يحيل المجتمع الموات إلى مجتمع حي يقظ كلمات يحس الفرد نشوتها بل يتأثر بكيميائها.
ويجب أن أقول: إننا نحن في مصر قد قطعنا شوطا كبيرا في هذا الميدان؛ فاخترعنا الكلمات التي توجه وترشد، وكان من حظي أن أقوم بنصيب حسن في هذا الميدان، انظر إلى كلمات: وطنية، عائلة، شخصية، مجتمع، ثقافة، تطور، عالمية، تجديد، رجعية، ثورة؛ فإنها جميعها كلمات حيوية تؤدي وظائف فسيولوجية في المجتمع الحي، وليس في المعاجم العربية ما يشير إلى معانيها العصرية، ولكننا نحن وضعناها أو ألصقنا معنى جديدا بكلمة قديمة كما فعلنا في «ثورة» فإن الكلمة المألوفة في كتب العرب هي «فتنة» وهي كلمة كريهة تدل على شعور السادة الغاضبين ولا تدل على شعور الشعب الناهض، فالمؤرخ الذي يكتب عن الثورة الفرنسية إذا كان ملوكيا ؛ فإنه يصفها بأنها «فتنة باغية» على العرش والبلاد، وإذا كان ديمقراطيا فإنه يصفها بأنها «ثورة عادلة» قام بها الشعب الفرنسي في انتقام اجتماعي خطير واستعمالنا «ثورة» بدلا من «فتنة» يحلل معنى اجتماعيا ساميا.
وقد وضعنا نحن «وطنية»؛ لكي نقرر بها إحساسا جغرافيا جديدا يناقض الإحساس الثيوقراطي القديم الذي كان يعم العالم العربي، بل أوروبا في العصور الوسطى.
وكذلك وضعنا «عائلة»؛ لكي ننقل بها نظاما أوروبيا لم يكن موجودا في بلادنا ولم ننجح، ولكن في هذه الكلمة من القوة السيكولوجية ما يسير بهذا النظام رويدا نحو النجاح انظر إلى كلمة «شخصية»، فقد ألفت أنا كتابا عن هذه الكلمة وهي من الكلمات التي تخصب المجتمع وتحفز الفرد إلى الرقي والتطور.
وفي كلمة «مجتمع» معني عصري لم يكن يستطيع الحاكمون في مصر أن يفهموه أيام محمد علي أو المماليك حين كانت ميزات الثورة والحكم والقوة في أيدي الأتراك والأرنئوط دون المصريين.
ولي أنا كتاب عن كلمة «تطور»، أما كلمة «ثقافة» فإني لم أنجح في كلمة أخرى نجاحي في تعميمها، وكلتاهما - ثقافة وتطور - تعين أسلوبا للحياة عند الشاب وتفتح أبواب الرقي والتجديد وتصد الرجعية والجمود.
অজানা পৃষ্ঠা