[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ، أما بعد فإن العلم صار مديدا طوره ، قعيرا غوره .
حيث تشعب كل فن منه فنونا ، وتبجست كل عين فيه عيونا ، حتى أعيت الذاهب في التماس مذاهبه مذاهبه ، والتبس على القايس والغارس قالبه وقالبه .
أسنت بالشوائب موارده ، وكاد يئس عن نقع الغلة به وارده ، ويغلب ديجور الجهل شموسه ، وتقحم في قلوب المهتدين شموسه .
لولا كان في قدماء الأخيار رجال جعلهم الله ورثة أنبيائه ، ومؤدين مكنون أنبائه ، رتعوا في رياض العلوم أحقابا ، وارتاضوا فيها مسرحا ومآبا ، فتدلت لهم أغصان ثمارها ، وتفتحت لهم أكمام أزهارها .
وتصفصفت لهم حوماتها ، وترحبت لصوافيهم عرصاتها ، حتى آبوا منها بطانا ، وفيها فرسانا ، وصاروا على متغلبها كالأمير ، ونهلوا من أنهارها النقاح النمير ، ونصبوا بين عذبها وأجاجها برزخا ، ونصبوا لتسكين ميدانها شمخا ، وأصلتوا صارم البيان لتسليس جامدها .
وأسرحوا سابق الأفكار لتقريب شاردها ، وجعلوا فيها أخوة وأحبية ، وميزوا عن كل فن أجنبيه ، فصار لكل علم وجهة ، وخطة وجهة ، فابتهجت لطالبها المناهج ، وانحاش قنصها للاهج وغير اللاهج .
ثم إنها لما تباينت القرون ، وصدف من عام إلى عام مرذلون ، فعجز الضالع عن عب الضليع ، وانحط الحطائط عن شأو التليع ، وانقطعت عن السكيت الرغبة ، في إدراك سابق الحلبة .
পৃষ্ঠা ১
قرب متأخر وهم المسالك ؛ تكثيرا لسواد السالك ، فوضعوا في كل فن مختصرا ، وجعلوا من مضمون بسيطه معتصرا ؛ ليستحضر المنتهي بنقله الشوارد ، وينهض بالمبتدي إلى أقصى الموارد ، فتقربت بذلك سبله ، وأحصدت للممتار سنبله ، فأكرم بذلك الاجتهاد سلما ، وللتفنن مهيعا وهيثما ، فجزاهم الله عنا أفضل الجزاء ، وحباهم من الأجر بمضاعف الإجزاء .
هذا ولما كان دين الإسلام مركبا من أمرين لا ثالث لهما ، ولا كمال لدين من انثلم في حقه أيهما اعتقاد للحق موافق ، وعمل للشرع النبوي مطابق : كان خليقا من قرع سمعه التخويف ، وتطور ذلك التكليف ملاحظة تصحيح اعتقاده ، وتثبيت عمله وانتقاده ، وهيهات أن يدرك الأرب المعتمد ويتحقق تقويم الأود من لم تخض سفينة أفكاره لجج العلوم ، ويدمغ سيف تحقيقه هامات الوهوم ، ويضرب بالسهم القامر في كل من الفنون ، حتى لا ينثني عن أيها بصفقة المغبون ، ولقد دار الفلك على نفاس الهمم فأهلكها ، وحكم العجز على ضعفها فملكها ، حتى صار أبناء الزمان والجلة من أفاضل الإخوان لاوي الأعنة عن عبور هذا الميدان ، يرون التفنن مقصدا مهجورا وأما الاجتهاد فحجرا محجورا ، وهيهات ، ما كان عطاء ربك محظورا .
فهذا كتاب لطيف كافل لمن عرف معانيه ، وحقق مبانيه بإحرازه للنصاب المعتبر في الاجتهاد من العلوم الدينية ، بعد تحصيله العلوم العربية .
পৃষ্ঠা ২
وها نحن أولا : نحقق البرهان على ما ادعيناه ، ونعرض مصداق ما حكيناه فنقول : لا خلاف بين أهل التحقيق من علماء الأمة وأكابر الأئمة ، أن القدر الذي يقتعد من أحرزه تحت الاجتهاد ، ويعد صاحبه من جهابذة الانتقاد ، هي علوم خمسة : الأول : الكتاب ، والمعتبر منه معرفة مواقع آيات الأحكام وهي خمسمائة آية لا غير .
الثاني : السنة ، والمعتبر منها الآثار الواردة في الأحكام الشرعية الوجوب ، والندب ، والإباحة ، والكراهة ، والحظر دون القصص وفضائل الأعمال .
وقد نص كثير من علماء الأصول على أن مثل ( سنن أبي داود ) كاف واف في القدر المعتبر من ذلك وأن أحد طرق الرواية كاف في حفظها .
الثالث : المسائل التي تواتر الإجماع عليها من السلف والخلف .
الرابع : علم أصول الفقه وتحقيق مسائل أبوابه فهذه مجمع على اعتبارها ولا مخالف في انخرام الاجتهاد الأكبر بانخرامها .
الخامس : علم أصول الدين فهو من أهم المعتبرات عندنا لتوقف صحة الاستدلال بالسمعيات على تحقيقه .
فهذه جملة العلوم المعتبرة بعد علوم العربية ، وإن كتابنا هذا قد انتظم هذه الخمسة انتظاما شافيا ، وصار باستقصاء المعتبر منها زعيما وافيا ثلاثة في ديباجته ، واثنان في غضون مسائله مستقصاة مفصلة ، فأما المنطق فالمحققون لا يعدونه لإمكان إقامة البرهان دونه .
وأما علم أحوال النقلة تفصيلا ، وانتقاد أشخاصهم جرحا وتعديلا ، فقبول المراسيل أسقطه ، وإنكار قبولهم إياها سفسطة ، فإنه لما كان غاية محصوله التظنين ، ولم يستثمر به العلم اليقين حكم فحول علماء الأصول بقبول مراسيل العدول وإن رواية العالم العدل تعديل حيث لا يرى قبول المجاهيل وحينئذ كمل ما أردنا من كتابنا هذا وصح ما أوردنا .
পৃষ্ঠা ৩
وقد أوردنا في كتابنا هذا علوما أخر ليست من شروط الاجتهاد اتفاقا لكن لا يليق بمن يعد من علماء الأمة ومن عيون من أوتي الحكمة أن يجهلها ، وهي : كتاب الملل والنحل ، وكتاب رياضة الأفهام في لطيف الكلام ، وتاريخ السيرة النبوية ، وغيرها ، وعلم أعيان مسائل الفقه وتفريعاتها ، واستفصال حوادثها وتصوراتها .
فلقد استحسن بعض من توسمه ، وعرف ما انطوى عليه فأعظمه التنبيه على فهرست مضمونه ترغيبا بتلقيبه .
( البحر الزخار الجامع لمذهب علماء الأمصار ) في الاعتقادات الدينية ، واللطائف الكلامية ، والقواعد الأصولية ، والسير النبوية ، والآيات الحكمية ، والأحكام الفقهية ، والمسائل الفرضية ، والمحرمات القلبية ، مع الأدلة النقلية والحجج القطعية ، والأمارات الظنية ، من الآيات الحكمية ، والآثار النبوية والإجماعات المروية ، والقياسات المعنوية والشبهية .
هذا وإن علام الغيوب المطلع على سرائر القلوب ، يعلم ما قصدناه بحكاية ما أودعناه ، وهو الترغيب لا لافتخار ، فليكن قلب سامعه سليما وعلى تحسين الظن بنا مستقيما ، وهذه مقدمة تتضمن شرح رموز استعملناها لمن يتكرر ذكره من أسماء العلماء في أثناء الكتاب اختصارا في الخط .
أما رموز الديباجة فهي هذه : العدلية ( ه ) .
- البصرية ، ( يه ) .
البهشمية ، ( هشم ) المعتزلة ، ( له ) .
أبو علي ( ع ) أبو هاشم ( م ) ، أبو عبد الله ( عد ) .
قاضي القضاة ( ض ) .
أبو القاسم البلخي ( ق ) .
أبو إسحاق بن عياش ( ش ) .
أبو الهذيل ( ل ) .
পৃষ্ঠা ৪
الإسكافي ( ك ) .
عباد ( د ) .
أبو الحسن الكرخي ( خي ) .
أبو رشيد ( ر ) .
الجاحظ ( ظ ) .
صالح قبة ( قبه ) .
بشر بن عتاب المريسي ( يسي ) .
الحاكم ( كم ) .
أبو طالب ( طا ) .
الشافعي .
( شا ) .
وأما رموز الفقه فهي ثلاث مراتب : الأولى الصحابة والثانية من التابعين والثالثة من أهل البيت والفقهاء .
أما الصحابة فمنهم أبو بكر ( ) وعمر ( ) وعثمان ( ) وابن عباس ( ع ) وابن مسعود ( عو ) عبد الله بن عمر ( عم ) حذيفة ( فة ) عائشة ( عا ) زيد بن ثابت ( زيد ) أبو هريرة ( رة ) وبقية الصحابة يذكرون بأسمائهم .
وأما التابعون فمنهم الحسن البصري ( بص ) النخعي ( خعي ) عطاء ( طا ) طاوس ( وو ) مكحول ( كح ) سعيد بن المسيب ( يب ) سعيد بن جبير ( سعيد ) عكرمة ( مه ) قتادة ( ده ) .
مجاهد ( هد ) ابن أبي ليلى ( لي ) وأما أهل البيت عليهم السلام فمنهم العترة ( ه ) القاسمية ( ية ) زيد بن علي ( ز ) والباقر ( با ) الصادق ( صا ) أحمد بن عيسى ( سا ) النفس الزكية ( كية ) القاسم ( ق ) الهادي ( ه ) الناصر ( ن ) المؤيد ( م ) أبو طالب ( ط ) أبو العباس ( ع ) المرتضى ( تضى ) أحمد بن يحيى ( أحمد ) المنصور ( ص ) الإمام يحيى ( ي ) فإن كان تخريجا لأي السادة أضفنا إلى رمزه جيما مثاله تخريج أبي طالب ( جط ) تخريج المؤيد ( جم ) تخريج أبو العباس ( جع ) .
وإن كان أحد قوليه : أضفنا إليه قافا مثاله أحد قولي الهادي ( قه ) وإن كان أحد أقواله أضفنا إليه لاما مثاله أحد أقوال الشافعي ( لش ) وإذا أطلقنا الحكاية عن العترة فالمراد القاسمية والناصرية ، وإذا حكينا إجماعهم فهذا رمزه ( ه جميعا ) .
পৃষ্ঠা ৫
وأما الفقهاء فهذه رموزهم : الفقهاء ( ها ) الشافعي ( ش ) أبو حنيفة ( ح ) مالك ( ك ) أحمد بن حنبل ( مد ) إسحاق بن راهويه ( حق ) داود الظاهري ( د ) سفيان الثوري ( ث ) الأوزاعي ( عي ) الليث بن سعد ( ل ) الزهري ( ه ) ربيعة ( عة ) المزني ( ني ) الحسن بن صالح ( لح ) أبو ثور ( ثور ) أبو يوسف ( ف ) محمد ( محمد ) أبو يوسف ومحمد ( فو ) .
قلت فإن أردنا إحدى الروايتين عن الشخص أضفنا إلى رمزه عينا مثاله إحدى الروايتين عن أبي حنيفة ( عح ) وعن ش ( عش ) ، الشافعي وأصحابه ( شص ) أبو حنيفة وأصحابه ( حص ) أصحاب الشافعي ( صش ) أصحاب أبي حنيفة ( صح ) أحد وجهي صش ( جش ) الفريقان ( قين ) وحيث يحكى للمذهب على ما حصله السادة فهذا رمزه ( هب ) وحيث تقدم رمز الإمام يحيى على رمز العترة فإرادتنا إضافة الحكاية عنهم إليه حيث عرض لنا في حكاية القول عنهم تشكيك مثاله ( ي ه ) وكذلك حيث تقدم رمزه على رمز الهادي أو غيره من الأئمة المتقدمين عليه .
وحيث نقول : الأكثر : فالمراد به العترة والفقهاء الأربعة ( ح ش ك مد ) وربما فصلنا بين الصحابي والتابعي بثم وبين التابعي ومن بعده تنبيها على ذلك .
نعم وقد تضمنت هذه الديباجة أحد عشر كتابا وهي : كتاب الملل والنحل ثم كتاب القلائد في تصحيح العقائد .
وفيه كتب ستة : كتاب التوحيد .
পৃষ্ঠা ৬
كتاب العدل ، كتاب النبوات وما يتعلق بها ، كتاب الوعد والوعيد ، كتاب التحقيق في الإكفار والتفسيق ، كتاب الإمامة وما يتعلق بها ، ثم كتاب رياضة الأفهام في لطيف الكلام ، ثم كتاب معيار العقول في علم الأصول ، ثم كتاب الجواهر والدرر في سيرة سيد البشر صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه الغرر ، وعترته الأئمة المنتخبين الزهر ، ثم كتاب الانتقاد للآيات المعتبرة في الاجتهاد .
وهذا ابتداؤنا فيها وبالله التوفيق وبه نستعين .
পৃষ্ঠা ৭
### || كتاب الملل والنحل باب الفرق الكفرية (مسألة) هي
سبع : تجاهلية ، ودهرية .
وثنوية ، وصابية ، ومنجمية ، ووثنية ، وكتابية .
( مسألة ) فالتجاهلية ثلاث : ( سوفسطائي ) وهو منكر اليقين في كل شيء وجاعله حسبانا و( عندي ) وهو مثبت الحقيقة ، وجاعلها تابعة للاعتقاد .
و( سمني ) وهو منكر ما لم يشاهد بالحواس ، وفيهم مثبت المشاهد والمتواتر فقط ، ومنهم منكر الكسبي فقط وهم فريقان : تكافئية .
وجاعلو المعارف ضرورية .
وأكثر الناس على إثبات الضروري ، والمكتسب على خلاف في كيفية الاستدلال .
( مسألة ) والدهرية هم القائلون بقدم العالم واختلفوا في المؤثر فمنهم من نفاه مطلقا حكاه ( ل ) وغيره من علمائنا وقرقورديوس وغيره من الفلاسفة ، ومنهم من أثبته علة قديمة وهو أرسطا .
ومنهم من أثبته صانعا قديما .
ولأفلاطون قولان أخيرهما حدوث العالم ، وأجمعوا على حدوث التركيب وإن قالوا بقدم العناصر وهي : الحرارة ، والبرودة ، والرطوبة ، واليبوسة ، على خلاف فيها .
( مسألة ) والثنوية تسع : ( مانوية ) قائلة بإلهية النور والظلمة وحياتهما وقدرتهما وامتزاج العالم منهما وتضاد طبعهما ( ومزدكية ) وهم كذلك حتى أنهم يجعلون النور مختارا والظلمة بطبعها .
و( ديصانية ) كذلك .
পৃষ্ঠা ৮
إلا في جعلهم الظلمة عاجزة عكس النور و( مرقيونية ) يجعلون لهما ثالثا ليس نورا ولا ظلمة متوسطا دون الله في النور ودون الشيطان في الطبع إلى آخر ما ذكروه ، و( ماهانية ) مثلهم إلا في النكاح والذبائح وجعلهم الثالث المسيح ، و( كيسانية ) زعموا أن الأشياء من أصول ثلاثة : الماء ، والأرض ، والنار ، و( صيامية ) وهم : قيل من الصابئين ، وقيل : من الدهرية ولا كتاب لهم معروف ولا أقاويل تعرف .
( مهر كانية ) اختصوا بأن قالوا : لا بد في كل زمان من رئيس مخلص من الآفات ، ويرشد للسداد ، وهم أقرب إلى المانوية ، و( المجوس ) يقولون بقدم الشيطان مع الله تعالى وأنهما جسمان على اختلاف بينهم .
( مسألة ) و( الصابئون ) مقرون بالصانع وقدمه ، وافترقوا في الجسم فقائل : هيولا قديمه ، وقيل محدثه ، ويزعمون أن الفلك حي سميع بصير ، وكواكبه الملائكة ، وعبدوها إلى غير ذلك .
( مسألة ) ( والمنجمية ) يزعمون قدم الفلك ولا صانع له وعن بعضهم أن القديم زحل ، واختلفوا في طبعه وشكله ، واتفقوا على أن حركة الفلك إلى المغرب والكواكب إلى المشرق ، واختلفوا في عدد الأفلاك وكونها وفسادها وترتيبها ، وقدر جرم الكواكب وحياتها وشكلها وكونها وسيرها ، وشكل الأرض ، واتفقوا أنها تنفع وتضر وتعطي وتمنع .
قيل : اختيارا ، وقيل : طبعا وقيل : تدل ، وقيل : توجب .
( مسألة ) و( الوثني ) عابد الوثن ومنشؤه في الهند ، والصين .
পৃষ্ঠা ৯
اعتقدوا أن الله تعالى جسم وأن الملائكة تشبهه فعظموها واتخذوا أصناما على صورتها واعتقدوا أنها تنفع وتضر حتى قال لهم بعض علمائهم أن الكواكب أقرب إلى الله تعالى حية ناطقة مدبرة فعبدوها ، فلما خفيت عليهم نهارا اتخذوا أصناما على شكلها لتستمر رؤيتها ، وزعموا أن بتعظيمها تتحرك لهم الكواكب بما يحبون ، وسبب تعظيم المجوس النار شبهها بالشمس وأول من عبد الصنم في العرب : عمرو بن لحي .
في ملك سابور .
( مسألة ) وكانت العرب على أديان : منهم على دين شعيب عليه السلام كالحارث بن كعب بن عمرو بن وعلة .
وأسد بن خزيمة .
وتميم بن مرة .
ومنهم من تهود كحمير وكنانة ، وبني حارث ، وكندة ، ومنهم من تنصر كربيعة وغسان ، وبعض قضاعة ، ومنهم من تمجس كبني تميم ، ومنهم من تزندق كأكثر قريش ، ومنهم من تحنف كعبد المطلب .
وزيد بن عمرو بن نفيل .
وقس بن ساعدة وعامر بن طريب ، وغيرهم وعامة العرب ثلاث فرق : ( فرقة ) تقر بالله والبعث وتنكر الرسل وتعبد الأصنام لتقربهم إلى الله تعالى .
و( فرقة ) تقر بالله وتنكر البعث ، و( فرقة ) تنكر الخالق والبعث .
( مسألة ) وأهل الهند فرق : براهمة ، يقرون بالله ويجحدون الرسل ، ودهرية ، وثنوية ، وهم سبعة أجناس وهي تسع وتسعون ملة مدارها على أربع ملل ، فملة تثبت الصانع والرسل والثواب والعقاب وملة تنفي ذلك كله ، وملة أثبتت الخالق والثواب والعقاب ، ونفت الرسل ، وملة تقول بالتناسخ ويدعون لهم شرائع وصلاة وحجا ولا يأكلون البقر ، ويغتسلون ببولها .
( مسألة ) وقد قال بالتناسخ بعض الكفار وبعض من ينتحل الإسلام كالروافض زعموا : أن الروح تنتقل في الهياكل فالمثاب يتلذذ ، والمعاقب إلى بهيمة يتألم ، وأنكروا البعث إلى غير ذلك .
( مسألة ) والكتابية نصارى ويهود .
فالنصارى :
পৃষ্ঠা ১০
يعقوبية ونسطورية وملكية .
اتفقوا على أن الله تعالى جوهره واحد ثلاثة أقانيم : أقنوم الأب ، وأقنوم الابن ، وأقنوم روح القدس .
وأن الابن هو الكلمة ، والروح هو الحياة .
والأب هو القديم الحي المتكلم ، وأن الأقانيم متفقة في الجوهرية ومختلفة في الأقنومية ، وأن النبوة ليست على جهة النسل بل كمتولد الكلمة من العضل ، والحر من النار ، والضوء من الشمس ، واتفقوا على أن الابن اتحد بالمسيح ، وأن شخص المسيح ظهر للناس وصلب ثم اختلفوا ضروبا من الخلاف .
( مسألة ) وفي اليهود من يشبه ، ومنهم من لا ، واتفقوا على نبوة موسى وهارون ويوشع وإبراهيم ونوح وآدم وعلى أنبيائهم بعد موسى وسبعة عشر كتابا بعد التوراة إلا السامرية فنفوا نبوة من بعد موسى وهارون ويوشع ، واتفقوا على إنكار المسيح إلا فرقة يسيرة ، وعلى إنكار نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعن بعضهم أرسل إلى العرب خاصة ، واتفقوا على تأبيد شريعة موسى ، واختلفوا في جواز نسخ الشرائع وفي أصولها اختلافا كثيرا .
পৃষ্ঠা ১১
باب الفرق الإسلامية .
( مسألة ) الأثر عنه صلى الله عليه وآله وسلم : { ستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة } .
الخبر .
رواه ( عو ) وأنس و( ع ) قال ( ي ) وتلقته الأمة بالقبول قلت وسنبين أكثر هذه الفرق في أثناء هذه المقدمة ثم نفصل عددها .
( مسألة ) ( ف ) : فرق الإسلام ست : الشيعة ، والمعتزلة ، والخوارج ، والمرجئة .
والعامة والحشوية .
قلت : أدخل المجبرة في المرجئة إذ هم جميعا مرجئة ، وغيره عدها سابعة .
পৃষ্ঠা ১২
(مسألة) وكان الناس في عهده صلى الله عليه وآله وسلم على دين
واحد ، وهو : تصديقه فيما جاء به من صفات الباري والبعث والجزاء ( كم ) وأول خلاف حدث بعده ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قضية ( ) ولا عبرة باختلافهم في الفروع ؛ لتصويب بعضهم بعضا ولا بخلاف من ارتد إذ ليس من المسلمين ، قال : ولا بيوم السقيفة إذ لم يستقر الخلاف بل زال عن قرب قلت بل استقر عند من أثبت إمامة علي عليه السلام بالنص .
وقد رجع إليه ( كم ) فهو حينئذ أول خلاف .
قال : واختلافهم في الشورى لم يكن خلافا بل مشورة قلت بل خلاف كما مر .
( مسألة ) واختلفوا في ( ) فرأى قوم خلعه ، ورأى قوم تقريره ، ثم حدث خلاف أهل الجمل ( كم ) فأما حديث محمد بن مسلمة ، وأسامة وسعد ( وعم ) فلم يخالفوا عليا بل توقفوا ، ثم حدث خلاف معاوية ، فكان أعظم حادث ، ثم حدث عند التحكيم خلاف الخوارج .
ثم حدث أواخر أيام علي قول ابن سبإ فإنه أفرط في وصفه وبعض كبار الصحابة فنفاه علي من الكوفة إلى أن مات علي عليه السلام ، فرجع واستمال قوما من أهلها في سب الصحابة فبقي في الروافض إلى الآن .
ثم حدث رأي المجبرة من معاوية وسلوك بني مروان ، فعظمت به الفتنة ثم فشا القول بتكليف ما لا يطاق أحدثه ضرير زنديق بواسط ، كان ثنويا ، ثم أخذه عنه يوسف السهمي ، ثم فشا في الناس .
فأما التشبيه فسبيله تصور العامة للصانع مع دسيس من الملحدة ووضع أخبار في ذلك ثم حدث في المشبهة من زعم : أن الله جسم ، كهشام بن الحكم ، وهشام الجوالقي وجل الروافض إلا من اختلط منهم بالمعتزلة كابن الأحوص .
পৃষ্ঠা ১৩
ثم حدث رأي الكرامية قوم منسوبون إلى ابن كرام زعموا : أنه تعالى محل الحوادث ، ثم حدث رأي المرجية لأخبار وظواهر في القرآن الكريم وميل النفس إلى الطمع ، حتى قل المتمسكون بالوعيد ، ثم حدث إنكار خلق القرآن مع القول بأنه السورة المكتوبة .
ثم حدث قول الكلامية : أن السور ليست كلام الله وأن كلامه صفة له ، ثم حدث قول الأشعري : بأنه معنى قديم ( ع ) ثم حدث القول بالرؤية مع إنكار التشبيه ، وكان يقال بهما حتى ظهر فساد التشبيه ع ) .
ومن الخلاف في الصدر الأول : مخالفة المرجية في المنزلة بين المنزلتين ، فالخوارج كفرت الفاسق ، وقوم زعموا أنه مؤمن ، وقوم زعموه منافقا .
لا يقال بل أحدث الخلاف واصل بتسميته فاسقا إذ لا مخالف في فسقه .
পৃষ্ঠা ১৪
[مسألة الفرق الشيعية والفرقة الزيدية والإمامية]
( مسألة ) و( الشيعة ) ثلاث فرق : زيدية ، وإمامية وباطنية ، ف ( الزيدية ) منسوبة إلى زيد بن علي عليه السلام يجمع مذهبهم تفضيل علي عليه السلام ، وأولويته بالإمامة ، وقصرها في البطنين ، واستحقاقها بالفضل والطلب لا بالوراثة ، ووجوب الخروج على الجائرين ، والقول بالتوحيد والعدل والوعيد ، ثم افترقوا ( جارودية ) و( بترية ) فالجارودية منسوبة إلى أبي الجارود زيادة بن منقذ العبدي أثبتوا النص على علي عليه السلام بالوصف دون التسمية ، وكفروا من خالف ذلك النص ، وأثبتوا الإمامة للبطنين بالدعوة مع العلم ، والفضل ، وينسب إلى بعضهم القول بالغيبة وليس بصحيح .
وأما البترية وأصحاب ( لح ) فذهبوا إلى أن الإمامة شورى تصح بالعقد ، وفي المفضول ويقولون بإمامة الشيخين مع أولوية علي عليه السلام عندهم وسموا بترية لتركهم الجهر بالبسملة بين السورتين .
وقيل : لما أنكر سليمان بن جرير النص على علي عليه السلام سماه المغيرة بن سعيد : أبتر قلت وخالف متأخر وهم ما بين الفرقتين حيث أثبتوا إمامة علي عليه السلام بالنص القطعي الخفي ، فخطئوا المشايخ بمخالفته ، وتوقفوا في تفسيقهم واختلفوا في جواز الترضية عنهم ، وتشيع من كبار السلف ( لح ) وأخوه علي وهما ابنا صالح بن حي ووكيع يحيى بن آدم .
والفضل بن دكين .
ومن المعتزلة الإسكافي وابن المعتمر وغيرهما ، ومن الفقهاء : سليمان بن جرير ، وكثير النوا .
পৃষ্ঠা ১৫
وانقسم المتأخرون قاسمية ، وناصرية ، وكان يخطئ بعضهم بعضا حتى خرج المهدي أبو عبد الله الداعي ، وألقى إليهم أن ( كل مجتهد مصيب ) وأئمتهم المشهورون في كتب التواريخ بالفضل وحسن السيرة وأكثر من أيدهم المعتزلة .
পৃষ্ঠা ১৬
( مسألة ) والإمامية سميت بذلك لجعلها أمور الدين كلها إلى الإمام وأنه كالنبي ولا يخلو وقت من إمام إذ يحتاج إليه في أمور الدين والدنيا وسموا رافضة لرفضهم إمامة زيد بن علي .
وقيل لتركهم نصرة النفس الزكية وأجمعوا على أن النص في علي جلي متواتر وأن أكثر الصحابة ارتدوا وعاندوا ، وأن الإمام معصوم منصوص عليه ويظهر عليه المعجز ويعلم جميع ما تحتاج إليه ولا يجوز الأخذ بشيء من الدين إلا عنه ، ويبطلون القياس والاجتهاد وأخبار الآحاد ولا يرون الخروج على الظلمة إلا عند ظهوره وأن الإمام بعده صلى الله تعالى عليه وآله وسلم علي ثم الحسن ثم الحسين عليهم السلام .
ثم افترقوا فرقا كثيرة كيسانية ، ومغيرية ، ومنصورية ، ومباركية ، وجعفرية ، وقاووسية ، وجعفرية ، وسمطية وعمارية ، ومفضلية وقطعية ، وافترقت القطعية فرقا كثيرة قد انقرض أكثرها وخرج كثير منهم عن الأمة كالكاملية ، والسبئية ، والخطابية ، والرزاهية ، والسمنية .
ومن أوضح دليل على إبطال ما يدعون من النص على اثني عشر اختلافهم عند موت كل إمام في القائم بعده ، ومن أكابرهم ، هشام بن الحكم ، وغيره ، وفيما انفردوا به القول بالبدء والرجعة وأن علم الله حادث ، وأطبقوا إلا من عصم الله على الجبر والتشبيه .
পৃষ্ঠা ১৭
[مسألة الفرقة الباطنية]
( مسألة ) والباطنية في الحقيقة خارجون عن الإسلام لكن انتحلوه ظاهرا فعدوا في فرقه ، ولا يكاد يعرف مذهبهم ولتسترهم وإحداثهم كل وقت مذهبا ، وفشا مذهبهم بعد مائتين من الهجرة ، أحدثه عبد الله بن ميمون القداح ، وكان مجوسيا فتستر بالتشيع ليبطل الإسلام ، وسموا ( باطنية ) لدعواهم لكل ظاهر باطنا .
و( قرامطة ) نسبة إلى رجل يسمى قرمطا .
وجملة ما حصل من مذاهبهم في الدين : القول بأصلين روحانيين ، السابق والتالي ، هو المدبر وقيل : بل هما ، والعلة وهي الباري لا توصف بوجود ولا عدم ولا غيرهما ، واتفقوا على القول بالطبائع الأربع ، ويثبتون النبوة ظاهرا وينكرون الوحي ، وهبوط الملائكة ، والمعجز بل يجعلونه رموزا فثعبان موسى حجته ، والغمام أمره ، وأنكروا كون عيسى من غير أب ، بل رمزا إلى أخذ العلم من غير إمام بل تلميذ حجة من نقبا زمانه ، وإحياء الموتى إشارة إلى العلم ، ونبع الماء من الأصابع إشارة إلى كثرة العلم ، وطلوع الشمس من المغرب خروج الإمام .
قالوا : والنبوة قوة ترد من التالي على قلبه فيعرف بواطن الأشياء وطبائع الأجسام .
والقيامة : قيام الإمام ، والمعاد : عود كل شيء إلى أصله من الطبائع الأربع ، وأوجبوا قبول ما جاءت به الرسل ومعرفة باطنه ورموزاته ، وجعلوا الصلاة إشارات إلى أشياء والجنابة إظهار العلم إلى غير أهله ونحو ذلك .
পৃষ্ঠা ১৮
[مسألة فرقة الخوارج]
( مسألة ) و( الخوارج ) يسمون الشراة ، والحرورية ، والمحكمة ، ويرضون بذلك ، والمارقة ؛ للخبر ، ولا يرضونه ويجمعهم إكفار علي عليه السلام ( ) وكل من أتى كبيرة ، وأصول فرقهم خمس : الأزارقة منسوبة إلى أبي راشد نافع بن الأزرق ، والإباضية إلى عبد الله بن يحيى بن إباض .
والصفرية ، إلى رماد الأصفر .
والبيهسية ، إلى أبي بيهس ، والنجدات ، إلى نجدة بن عامر .
ثم تشعبوا وأنشأ مذهبهم عند التحكيم : عبد الله بن الكوا وعبد الله بن وهب ، وفارقا عليا عليه السلام ، ولهم وقائع في التواريخ وأكثر مذهبهم في الجزيرة ، والموصل ، وسجستان ومن مصنفيهم : أبو عبيدة .
وأبو العينا وغيرهما .
পৃষ্ঠা ১৯
[مسألة المجبرة والفرقة السنية والمرجية]
( مسألة ) و( المجبرة ) يسمون مجورة ، وقدرية ، ومجبرية ، ولا يرضون أيها .
بل يتسمون ب ( السنية ) ويجمع مذهبهم : القول بخلق الأفعال ، وإرادة المعاصي ، وتعذيب من يشاء بغير ذنب ، وأن فعله تعالى لا لغرض ، وأنه لا يقبح منه شيء ، وأن القبائح بقضائه وقدره إلى غير ذلك .
ثم افترقوا : فالضرارية أصحاب ضرار بن عمرو : اختصوا بأنه تعالى يرى في الآخرة بحاسة سادسة ، وأن الجسم أعراض مجتمعة ، وأن الاستطاعة بعض المستطيع ، و( الجهمية ) أصحاب جهم بن صفوان : تفردوا بأن لا فعل للعبد .
بل كالشجرة ، وفناء الجنة والنار ، وأن الإيمان المعرفة .
و( النجارية ) منسوبة إلى الحسين بن محمد النجار تفردوا بنفي الرؤية وإثبات خلق القرآن ، والقول بالبدل ، وغير ذلك ، و( الكلابية ) أصحاب عبد الله بن سعيد بن كلاب لم يصرحوا بتكليف ما لا يطاق ، وإن لزمهم من القول بمقارنة القدرة لمقدورها .
পৃষ্ঠা ২০