ভূমধ্যসাগর: একটি সমুদ্রের গল্প
البحر المتوسط: مصاير بحر
জনগুলি
لم تنشأ تلك المدينة العجيبة عن اصطراع العناصر فقط، بل نشأت عن انتصار الإنسان على العناصر أيضا، وتؤلف الأنهار دلتات على كثير من سواحل البحر المتوسط، وقد تكون شاطئ البحر الأدرياتي الشمالي الغربي من رسوب غرين الأنهار التي كان مجراها الأدنى يتغير بلا انقطاع فلا يزال يزيد الأرض اليابسة، وقد بلغ البو والتسان والأدا والبرنتا والبياف وبضعة الأنهار الصغيرة الواقعة بين تلك الأنهار من تحويل الساحل بين فيوم وريميني بنقلها كتلا ترابية من الشمال ما تغيرت الخريطة معه منذ عهد الرومان وفي غضون بضعة القرون الأخيرة، ويتقدم الساحل في بعض الأماكن من لنباردية أربعة أميال في كل مائة عام.
ويوضح خصب تلك البقعة من بعض الوجوه بامتداد الأدرياتي في أزمنة ما قبل التاريخ عميقا بعيد المدى نحو الغرب، وبفصله جبال الألب من جبال الأبنين في المكان الذي تقع فيه لنباردية في الوقت الحاضر، ولم يحدث قط أن أضاع مزاياه العظيمة نهر البو الذي يقطع ذلك السهل مع أضواج
4
منسجمة بين جبال الألب البيمونتية ورافين، حتى إنه لقب من قبل الأهالي ب «النهر المحبوب المرهوب»، وينتفع بأمتار الرمل المكعبة، البالغة أربعين مليونا والتي ينقلها كل عام، في أعمال صناعية وفي إنشاء أسداد وحواجز، أجل، إنه يأتي بالخصب، ولكن «ويل للجميع إذا ما اقتلع حواجزه!» كما يقول الأهلون. ويقاس هذا النهر بالطغاة الخطرين الذين ترتجف الشعوب في عهدهم مع انتصاراتهم، ومع ذلك توجد قوة ثانية تعارض بها الأولى، وهي غزو البحر للساحل غزوا يمكن تشبيهه بما تبديه الجموع الشعبية من مقاومة، ولا تزال الريح القوية الكثيرة الهبوب تزيد قوة المقاومة هذه في شمال الأدرياتي، ومع ذلك فإن بعض الحساب يدل على أن ساحل الأدرياتي الشمالي الغربي سيصل بتقدمه الدائم إلى ساحل إسترية المواجه في مائة وعشرين سنة، فبذلك يتحول خليج البندقية إلى بحيرة برية على نمط بحيرة ماجور، ومن الممكن أن نفترض عند ذكر بحيرة ماجور، وقوع تحول هذه البحيرة وبحيرة كوم في أزمنة ما قبل التاريخ، وقد رأينا في آسية الصغرى أن تقدم نهر المندرة حول الخليج الواقعة عليه مدينة ميله القديمة إلى بحيرة.
وتبصر تاريخ الناس المتقاتلين أكثر إثارة من تاريخ العناصر على الرغم من كل شيء، ويتعلم أهل تلك السواحل من العناصر كيف يكونون ماكرين فيحولون الأنهار عن مجاريها، ومن المحتمل أن يكون أصل مذهب الدبلميين الشهير من البندقية؛ وذلك لأن روح سكانها أرهفت بأهواء الملك البو.
ويرتبط تاريخ المرافئ والمناقع والضحاضح في تاريخ الإنسان بالبحر المتوسط ارتباطا وثيقا، وهو يجعل الفلاح عالما بأحوال الجو ككل نظام للمياه كما يجعل ابن المصر خبيرا بالعلوم الطبيعية قادرا على تفسير ما في الطبيعة من شذوذ وإفراط، فيستنبط نتائج منه، ولما يمض قرن على الزمن الذي كان الفرنسيون الساكنون دلتا الرون يخسرون في كل سنة منه ثروات بسبب تطين الشاطئ، وما انفك الطلاينة منذ القرون القديمة يحاولون، مع نجاح زائد، تضييق نطاق الخلج والمناقع غير المقري
5
الذي يفصل أحيانا داخل الأرضين عن البحر على مسافة عشرين ميلا.
ودام الكفاح بنجاح متقابل، وتحولت المناقع بالقرب من فرار ورافين إلى حقول خصيبة، ووفق البندقيون، بعد جهود عظيمة، لتحويل البرنتا إلى الجنوب منعا له من تطيين ذلك المصر. وعلى العكس جاهد أهل الخليج الشمالي غير موفقين ضد الإيزنزو، فلم ينتهوا في شمال تريستة الحاضرة الغربي إلى إنقاذ المدينتين القديمتين: غرادو وأكيلة، والتهم النهر والبحر ناحية البر في مصب البياف مناوبة فابتلعا مدينة هراقلة القديمة، وكانت المدينتان، تريفيز وبادو، واقعتين على البحر في القرون الوسطى مع أنه لا يمكن بلوغ هاتين المدينتين في أيامنا بغير سفن صغيرة ومن قنوات مصنوعة.
والقدر هو الذي وسم حياة تلك البقاع بسمته فتنصر هذه الحياة حينا وتقهر حينا آخر معانية صولة العدوين الممزوجة في بعض المرات، ظافرة بسلامتها من هذه الحملات، ويا للمنظر الفاجع الذي تعرضه رافين علينا! ويا ليمن المنظر الذي تعرضه بادو علينا! فكأن هذين المصرين يتقبلان نصيبهما المتماثل على وجه مختلف تبعا لما لكل منهما من سجية خاصة. والواقع أن كل واحد من مئات المناقع تلك، أو البحيرات المفرطحة تلك، الواقعة على طول الشاطئ، يختلف عن الأخرى بنية، وتدل كل واحدة من الكلمتين: «المنقع الحي» و«المنقع الميت» على أن قسما من تلك المناقع يتجه إلى البحر فيبقى سليما بفعل المد والجزر، وعلى أن قسما آخر يتحول عن البحر فلا ينتفع بالمد والجزر فتغزوه الحشرات ويصير مصدرا للحميات، ويكون له من المنظر الموهن ما لطرف الأرض الصغير بين مستر والبندقية.
অজানা পৃষ্ঠা