وفي شهر رجب تجددت الأخبار بصحة ما جرى في الفرنج واستيلاء السلطان عليهم، وسبي كثير منهم، والقتل فيهم كثير.
وفي شهر شعبان منها جاء الخبر الصحيح من جهات مكة أن السلطان محمد بن عثمان حال صدورها وهو باق في بلاد الفرنج، وسيوفه ما زالت في أعناق المشركين ضاربة وقاطعة، فأخذ منهم بالسيف عالما كثيرا، وسبى منهم سبيا كثيرا، وصارت مالطة وبلادها تحت وطأته بأجمعها.
وصدق هنا ما تقدم ذكره من الكلام عند طلوع ذلك الذنب كما نقل من الجفر بغير شك ولا اختلف كلامه ولا اضطرب، حيث يقول فيه ما لفظه: محمد بن عثمان عبد صالح خير من حر طالح، شعر:
سيطلع من مغيب الشمس نجم
له ذنب كمثل الرمح عالي
بوجه مستدير مثل ترس
علامة ما يكون بلا محال
وهو بالسيف يقتل. انتهى بلفظه.
فهذا دليل صدق ما وقع، إلا أنه كان الوجه المستدير في الوجه الثاني الذي مثله طلع أولا من المشرق، ثم طلع من المغرب، فظهر النجم كالترس في آخر سنة إحدى وتسعين وألف، كما سيأتي إن شاء الله، فأما الأول فلم يظهر نجمه، بل كالرمح، وهو مغروس في المغرب.
وفي هذه السنة أحدث معصرتان للسليط بصنعاء، بعد أن لم يكن فيها هذه المدة شيئا، وإنما كان فيها في المدة السابقة مدة بني العباس كثيرا، وصنع أهلها لها حجارة جديدة من الحجر الحبش، نقر وسطها، وجرت إلى صنعاء على العجيل بالبقر، جر كل واحدة منها ثمان بقر لكبرها وثقلها، وعصروا فيها الخشخاش والخردل؛ لأنه يزرع في أرض الجبل، فأما الجلجلان فلا يصلح إلا في التهائم واليمن الأسفل، فكان[76/ب] في ذلك بعض رفق لأهل المدينة في سعره، مع ما يطلع من اليمن الأسفل من سليط الجلجلان مصنوعا، ومن جهات الجوف محمولا.
পৃষ্ঠা ৩৯৪