عجيب جدا يا سيدتي أمر هذا المخلوق الغريب الأطوار الذي يسمى «بالرجل»! إني أعتقد أنه كريم شجاع وله قلب حساس، ولكني أظنه (وبعض الظن إثم) أنانيا قبل كل شيء، ورأيي أن أنانيته وحدها هي أصل رذائله، فهو يهضم حق المرأة ويستعبدها لا لأنه يبغضها أو يتمنى لها السوء، ولكن ليلهو بها وهو يحبها. ويموت لأجلها لا لأنه يحبها ولكن ليلهو بها، وهو في كل ذلك واسع الحيلة قوي الحجة فيقنعها فتصدقه وهو كذوب.
أما المرأة فهي دائما تحترمه وتحبه لأنها تحبه صادقة، وإذا كرهته كرهته علانية، ولم يكن لذلك البغض من دواء. عرف ذلك أبو الطيب فقال:
وإن حقدت لم يبق في قلبها رضا
وإن رضيت لم يبق في قلبها حقد
هي صادقة مخلصة دائما، حتى وهي خاطئة. هي تحب لتفنى في الحب، ولكن الرجل يحب ليعيش متمتعا بالحب. هي تحزن وقت المصاب لتتفرغ للحزن، ولكن الرجل لا يحزن إلا ليبحث عن تعزية وسلوان.
المرأة كدودة القز تفرغ حريرها لتموت. إنها لتعلم أن حريرها الذي تقدمه للملأ زينة وحلية سيقتلها ولكنها لم تحاول قط الخلاص منه.
أما الرجل فهو كالنحلة يتنقل من زهرة لزهرة متروضا، وقد يطيل المكث على زهرة ناضرة وإنما ليمتص منها نضارتها وماء حياتها. إنها تحب الأزهار حينا ولكنها تلهو بها أحيانا فتتركها هشيما. وهي تقدم للناس عملا فيه شفاء لهم وشمعا نافعا ولكنها تعملهما لغذائها وسكنها قبل كل شيء.
ظلمنا الرجل حقوقنا لا لأنه كان ينوي ظلمنا، وإنما هو أخطأ كثيرا في حسبانه أن ما يزيد في قوتنا يضعف من قوته هو. لعله ظن أن مملكتنا واحدة ولذلك نظر إلينا نظر الدعيات الثائرات. وإنما نحن نريد له السعادة والمزيد من القوة في مملكته ونرجو منه أن يفك عنا الخناق في مملكتنا المستقلة التي تشد أزره ولا تفكر في إضعافه قط مهما بلغت من العزة والقوة. إننا نتقدم إليه كأننا ساعده الذي يريد أن يخدمه، لا كأننا يد غريبة تريد أن تضربه. إننا منه وهو منا فليطب نفسا وليقر عينا وليعطنا ما نشاء!
وإنما نحن يا مي ضايقناه في بعض شئون مملكته حتى ظننا نريد منازعته فيها. لنترك له السياسة التي يحبها وحمايتنا. وأقول لك همسا: «إننا لا ننفع بدونه، ولكنه هو أيضا لا ينفع من غيرنا!»
إن المطالبات بحق الانتخاب وإن كن يطلبن حقا إلا أنهن ظالمات الرجل وأنفسهن معا؛ لماذا يرمن مشاركته في الجلوس على كراسي «البرلمان» ولا تقدم واحدة منهن صدرها للقاء كرات المدافع ونصال الفناء في الحرب. الحق أحق أن يتبع.
অজানা পৃষ্ঠা