لقد صورت في ذلك الباب (باب الازدراء بالمرأة) المرأة في نظر الرجل اليوم على نحو ما كانت عليه في الجاهلية الأولى، وهذا أمر قلما طابق الواقع، وهل كان من حرج على السيدة أن توسع المسألة بحثا وأن ترقب اليوم الذي تترجم فيه مقالاتها إلى اللغات الأجنبية فتنشر أحكامها على هذه الأمة في العالم الأوروبي الذي يجهل معنى الغلو البديعي وأنه من المحسنات في اللغة العربية؛ حيث يعتقد الأوروبيون لا سيما نساؤهم أننا اليوم على ما كانت عليه جاهليتنا منذ أربعة عشر قرنا، وناهيك بما يحدث هذا القول في العالم المتحضر من الآراء وما يجلبه علينا بعد ذلك من البلاء.
2
غار حضرة المنتقد على سمعة قومه فأراد ألا تقال الحقيقة كما هي حتى ولا في فم من لا يبغي إلا الإصلاح. ولكن إذا تعمد كتم ما هو جار وسدل الحجاب على شقاء فئة كبرى فلا يكفي تنبيه الباحثة إلى ذلك، بل عليه أن يكسر جميع الأقلام الشاكية وأن يسكت زفرات القلوب المكلومة. عليه أن يثلج دماء الشبيبة الطامعة في توطيد دعائم الأسرة وحفظ كرامة المرأة. عليه أن ينتزع الأفئدة من الصدور لتكف عن الشعور بلوعة التقهقر العائلي. نعم ليكسر الأقلام، وليمزق الطروس، وليسل الألسنة ليجهل الغرب علة دامية في الشرق. أما باحثة البادية فلم تفكر قط في ذلك، بل أثبتت الواقع بصراحة ناشدة الإصلاح فقالت:
أي ازدراء للمرأة وعبث بحقوقها أشد من أن تخرج كلمة من فم الزوج ساعة غضبه فتفرق بينهما وتشتت ملتئمهما؟! وأي أمل لها في مستقبل مظلم لا تدري متى ينهار بنيانه؟ إن الدين لا يسمح بتعدد الزوجات وبالطلاق هكذا على غير شرط كما يفعل الآن رجالنا، وإنما جعل لهما شروطا وقيودا لو اتبعت لما أن منها النساء البائسات.
3
أين «الغلو البديعي» الذي يشكو منه هنا الأستاذ المنتقد؟! أين «الغلو البديعي» فيما تقرره الباحثة من ازدراء الشرقيين - مسلمين كانوا أم مسيحيين - بالبنت في جميع أدوار حياتها، وتفضيل الصبي عليها قبل ولادته وبعدها؟! وأين ذلك «الغلو» من مسألة الطلاق كما هو شائع الآن؟!
نعم إن سهولة الطلاق كادت تلغى من الطبقة العليا، ويندر وجودها بين من يغارون على سمعتهم ويفهمون معنى احترام الأسرة من الطبقة الوسطى. ولكن هؤلاء هم الأقلية. والطلاق شائع عند الأكثرية شيوعا كبيرا. وهاك ما كتبته باحثة البادية بعد الاختبار الشخصي:
وهذه البادية التي أقطن لا أبالغ إن قلت إن جميع نسائها جربن الضرائر. طالما سألت مرأة الحي هذا السؤال: «ترين هل تحبين زوجك الآن كما كنت تحبينه قبل زواجه من غيرك؟» فكان جواب كل من سألت سلبا. وسمعت عن أخريات أنهن يفضلن أن يرين نعش أزواجهن محمولا على الأعناق من أن يرينهم متزوجين بأخريات. فيا لله! أإلى هذا الحد يبلغ بغض المرأة للضرة!
4
إن هذا الموضوع يفتح باب الفصاحة عندها. وإذا قالت حينا بوجوب الطلاق فما ذلك إلا لأنها ترى فيه ما يخفف شقاء المرأة. قالت:
অজানা পৃষ্ঠা