قال: لا تقرني كلمة الخيانة باسمك يا سيدتي؛ لأنك قد ضحيت كل عزيز لأجل والديك وهذه أمانة لا خيانة.
قالت: نعم، أمانة لأناس وخيانة لآخرين.
ورأى الرجل تأثرها فقال محولا أفكارها عن تلك النقطة: إن الوقت ثمين يا سيدتي، ومن الواجب أن ننظر في الأمر.
قالت: لم تخبرني القصة بإيضاح، فمن أين عرفت بأنها سافرت؟ وهل لديك عنوانها؟
قال الرجل: لدي كل التعليمات اللازمة؛ لأنني أخذتها من عائلة كانت تخدم عندها ...
فلم تدعه يكمل كلامه بل صرخت قائلة: كفى يا ميخائيل لا تذكر لي شيئا لئلا تتجدد آلامي. إنها كانت تخدم ... أواه، إن عندي عددا من الخدم وهي اضطرت أن تخدم لتعيش! آه يا ربي ماذا يكون قصاصي عندك؟! إنني نسيتها في هذه الأيام يا ميخائيل ولم أرسل إليها مالا من مدة ثلاث سنوات، ذلك من اضطراباتي الداخلية في البيت، أنا ... أنا القاسية التي أتيت بها إلى هذا العالم لكي أعذبها فيه، فهي تتعذب بتحصيل معيشتها وأنا في راحة ورخاء لا أعمل عملا، فهلا أتى الوقت الذي يجب أن أكفر فيه عن ذنوبي؟
وعند هذا الحد خرجت أم سمعان، وما بقي من الكلام بين جميلة وميخائيل كان سرا، وفي ثاني أسبوع كانت واقفة في باب الدار وبيدها صرة تناوله إياها وتدعو له بالسفر الميمون.
الفصل الثالث والثلاثون
أديب في نيويورك
في عصر يوم الأحد من شهر آيار الجميل، كان أديب ماشيا في شارع واشنطون في نيويورك، فالتقى بصديقه القديم ورفيقه في المدرسة وابن بلدته سليم، ففرح كل منهما بهذا اللقاء فرحا لا مزيد عليه وتصافحا ودخلا قهوة هناك، وأخذا يتشاكيان مر الفراق، ولم يطل عليهما الوقت حتى فتح سليم ساعته وقال لصديقه: أرجوك يا عزيزي أن تنتظرني هنا مقدار ساعة؛ لأذهب فأودع صديقا لي عائدا إلى الوطن وأرجع إليك.
অজানা পৃষ্ঠা