بأن أكتب لطبعته الجديدة تقديمًا يحصل لي به شرف وبركة بمشاركتي بكلماتٍ أقدّم بها للطبعة الجديدة لهذا الكتاب الجليل، فقبلت إصراره رجاء حصول بركة وخير لهذا الفقير إلى رحمة الله، وقد قال قائل:
أُحِبُّ الصَّالِحِين وَلَسْتُ منهم
لَعَلَّ الله يرزقُني صَلاحا
وبعد:
فإنه لا يخفى على كل مطَّلعٍ على أهميَّة كتب الصحاح في الحديث الشريف أن كتاب "سنن أبي داود" الذي نحن أمام شرحه هذا إنما له قيمة كبيرة بين كتب الحديث لخصائصَ وميزاتٍ تخصه، وللاهتمام الذي قام به مؤلِّفه الإِمام أبو داود في اختيار أحاديث الأحكام، ولالتزامه بخصائص وميزات أصبح به هذا الكتاب يسدّ مكانًا يجعله منفردًا في جوانب مهمة عديدة في علم الحديث الشريف؛ أما في أهمية مكانته من بين كتب الصحاح الستة والاهتمام بما يتعلق به من مهمات في الإسناد وما يتعلق بالمتن، وبذلك نال تقديرًا كبيرًا من المهتمين بعلم الحديث، وأصبح مما لا يستغني عنه مشتغل بهذا العلم.
وقد كتب مؤلفه بنفسه عن أهمية هذا الكتاب في رسالة أرسلها إلى أهل مكة، يقول فيها:
"وهو كتاب لا يرد عليك سنة عن النبي ﷺ بإسناد صالح إلَّا وهو فيه، إلَّا أن يكون كلام استخرج من الحديث، ولا يكاد يكون هذا، ولا أعلم شيئًا بعد القرآن ألزم للناس أن يتعلموه من هذا الكتاب، ولا يضر رجلًا أن لا يكتب من بعد ما يكتب هذا الكتاب شيئًا، وإذا نظر فيه وتدبره وتفهمه علم إذًا مقداره".
وقال أبو سليمان الخطابي صاحب "معالم السنن":
1 / 16