المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
قال عز من قائل (( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم )) (( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما ))
পৃষ্ঠা ১
(( فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا )) (( ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء )) (( ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما )) (( يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا )) (( هاأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا )) (( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب )) (( الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ))
ذكر الله محمد بخير وصلى عليه وحياه بالسلام وصلى على إخونه الأنبياء ، وأصحابه الأتقياء ، وتابعيهم إلى يوم القيام ، أما بعد :
পৃষ্ঠা ২
هذا جواب لكتاب وصلني من زنجبار ، مجادلا فيه عن إخوان الكفار ، عبدة الدرهم والدينار ، وذلك حين نزع الله حكومة زنجبار من أيدي المسلمين بما كسبت أيدهم . وسلط عليهم عدوهم ، بما تركوه من أوامر ربهم ، فاحتلها النصارى بالمكر والخداع ونصبوا لهم أنواع الحيل السالبة للدين رغبة في سلب دينهم كما سلبوا دنياهم فيكونون فيه سواء ، فمال إليهم من لا خلاق له من جهال المسلمين ، ومن زاغ عقله عن سنن الدين ، فتزينوا بملابسهم ، وعوجوا ألسنتهم بلغاتهم ، وخالطوهم في مدارسهم ، وعاونوهم في محاكمهم التي هي بيت الظلم ومستقر البوار ، فصدرت مني إليهم إشارة بالنصيحة عن هذا الاعوجاج ، ومطالبة الرجوع إلى أقوم المنهاج فصدر منهم هذا الهذيان ، الذي يزعمون أنه من الاحتجاج ، فلم أر بدا من جوابهم ، خوف الوعيد المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم : (( إذا ظهرت البدع في أمتي فعلى العالم أن يظهر علمه ، فإن لم يفعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل منه صرف ولا عدل )) رواه جابر بن زيد مرسلا وفي الجامع الصغير من رواية ابن عساكر عن معاذ : (( إذا ظهرت البدع ، ولعن آخر هذه الأمة أولها ، فمن كان عنده علم فلينشره ، فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله على محمد )) ووفاء بالعهد المأخوذ على العلماء في قوله تعالى : (( وإذا أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه )) ثم جعلت في ذلك فصول .
পৃষ্ঠা ৩
الفصل الأول : في التحذير من مدارس النصارى قال المعترض : أما الداخل في مدارس النصارى معلما أو متعلما ، فأوضح لك حالة المعلم حسب المشاهدة - فالمعلم يلقي في أذهان المتعلمين صغارا كانوا أو كبارا - التوحيد وشغله ، و الطهارات وكيفياتها ، والصلوات ومعانيها ، والكتابة العربية ، والإنشاء العربي ، والحساب ، وقراءة القرآن على الوجه المرتضى ، فإن كان هذا لا يجوز المسير إلى تلقينه ن ولا شد الرحال إليه ، فأقيموا الأدلة والبراهين الساطعة ، وأجيبونا بأسرع حال ، أم الأحسن ترك أولاد المسلمين بأيدي النصارى فقط ، وأي فائدة من قول الله تعالى : (( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين )) ، وقوله : (( ولكن ذكرى لعلهم يهتدون )) ، أم هذا خاص به صلى الله عليه وسلم دون غيره ، فالمدرسة المشار إليها واضعها إسلامي ، والنصارى فيها عملة ، وأحد العملة سب النبي صلى الله عليه وسلم فبلغ السيد علي بن حمود ، وحالا أرسل إلى الناظر - مدير المدرسة - فقرعه ن فأجابه إن قامت البينة على الساب ليعزرنه ، ولم تقم عليه بينه ومع ذلك فقد هدد ، فحينئذ هل الأوجب صبغ الأولاد صبغة دينية ، أم يتركون وجهلهم إذا كان لا بد من تعليم هذه اللغة الأجنبية ؟.
هذا كلامه وهو ينقض بعضه بعضا وجوابه :
পৃষ্ঠা ৪
إنك قد تركت الأهم والأعظم من مقصود القوم ، وهو - محض نظرهم وغاية أملهم ، وذلك أن المعلم النصراني يختلي بهؤلاء الصبيان من أولاد المسلمين وغيرهم في وقت مخصوص وساعة معروفة ، فيلقنهم ما شاء من الكفريات التي تسلخهم من فطرة الإسلام رأسا ، ومن نفحات تلك المكفرات ما ذكرته عن ذلك النصراني من سب سيد الأنبياء عليه أفضل الصلاة والسلام ، وما ذكته من تعليم التوحيد وما بعده من الخصال فهو ذريعة إلى تدريجكم إلى المهاوي ، وإلقائكم في المهالك ، ولا بد للفخ من حب يقع عليه الطائر ، فلو جاهروكم بمرادهم وكشفوا لكم أغراضهم ، لقفت شعوركم ، واقشعرت جلودكم ، واشمأزت قلوبكم ، ونفرتم عنهم كل نفرة ، لكن القوم أدرى بمصائبكم ، وأعرف بمكائدكم ، فهم أشد من الأفاعي لينا وعداوة ، وأروغ من الثعلب ، وأخدع من السراب ولهم في المكر أبواب يعجز عنها الشيطان ، فهم نظير الشاعر المجاهر بقوله :
وكون المدرسة من أبناء المسلمين لا يهون الأمر بل يعظمه ، فإنه خفف عنهم مؤنة البناء ، وزادهم استطالة على المسلمين حيث ورثوا أرضهم وديارهم وأموالهم ، عكس الحال الذي عليه أسلافهم مع أسلافنا ، ذلك بما كسبت أيدكم .
الله المستعان ، ما مثلنا عند هؤلاء النصارى إلا كمثل بني إسرائيل عند عدوهم بختنصر ، عافيتك اللهم وعفوك ونصرك وتأييدك ، أغث حرمة الإسلام يا غياث المستغيثين .
পৃষ্ঠা ৫
ومن المعلوم أن العبرة في المدارس بأهلها المتوالين بأمرها ، القائمين بلوازمها ، من تدريس وغيره ، دون الباني الذي أسسها ، إذ البناء لا يؤثر في المطلوب ، وإنما يؤثر من تصدى فيه لذلك ، والجهل بما تفيده مدارس النصارى من كفرياتهم أولى وأسلم من العلم والإطلاع عليه ، فإن الجاهل به سليم العقل صحيح الإعتقاد كامل التوحيد ، كما عليه الحال في عوام المسلمين ، والعالم به المطلع عليه ربما يفضي به الحال إلى الشرك بعد الإسلام ، وهو لا يدري ، وربما أورثه الشك في عقيدته ، والطعن في سلفه ، وربما أورثه موالاة أعداء الله ومعاداة أولياء الله ، فيكون حكمه حكم من تولى لقوله تعالى : (( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ويحشر معهم يوم القيامة )) ، وللحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أحب قوما حشره الله في زمرتهم )) رواه الطبراني والضياء عن أبي قرصافة .
وقد تنبه علماء الملة الإسلامية على مكائد النصارى ومطالبهم من هذه المدارس ، فنبهوا عليها الناس ، وأزالوا عنهم الإلتباس ، وحذروهم من الوقوع في شرورها ، وألف في ذلك الشيخ يوسف بن إسماعيل النبهاني تأليفا سماه ( إرشاد الحيارى في تحذير المسلمين من مدار النصارى ) ، حيث قال في الفصل الثالث منه ما نصه : وانظر أيها المسلم العاقل رحمك الله وأرشدك إلى ما فيه رصاه إلى اجتهاد الدول الإفرنجية في فتح المدارس في بلاد الإسلام وإنفاقهم عليه النفقات الكثيرة على ممر الشهور والأعوام ، واعتنائهم بشئونها الاعتناء التام ، أتراهم يا أخي يفعلون ذلك شفقة منهم على ابنك المسلم ، ليس من ملتهم ولا دولتهم ، وحرصا على نجاحه ، كلا ، والله لا يفعلون ذلك إلا لمقاصد مهمة، وفوائد لهم كثيرة جمة تقابل نفقاتهم وأتباعهم أضعافا مضاعفة - وهي كلها عليك وعلى ابنك وعلى دينك ، وأهل ملتك .
পৃষ্ঠা ৬
دواهي عظمى ومصائب كبرى ، يعلم ذلك جميع العقلاء ، ولا يخفى إلا على الجهلة الأغبياء ، فمن فوائدهم أنهم يخرجون هؤلاء الصبيان الذين يتعلمون في مدارسهم من دين الإسلام إخراجا حقيقيا بقلوبهم وإن بقوا في الظاهر مسلمين ويستجلبون محبتهم لهم محبة متزجة بلحمهم ودمهم وينشأون عليها ويعيشون عليها ، وذلك بتعلمهم لغاتهم وعوائدهم وكتبهم وأحوال مشاهيرهم ، وتراجمهم ، يرويها لهم المعلمون بأجمل الروايات ، في ضمن ذلك يذمون لهم عقائد الإسلام ومشاهير المسلمين وأئمة الدين حتى ربما يتجاوزون إلى سيد المرسلين وحبيب رب العالمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وتتكرر هذه الأمور على سمع الصبي المسلم في عدة سنين فلا يخرج من المدرسة إلا وقد تجرد بالكلية من دينه وحميته الإسلامية وصارت تلك الدولة الممددة للمدرسة التي تعلم فيها ، أحب إليه من دولته ، وجنسيتها أحب إليه من جنسيته ، معتقدا فيها وفي رجالها الكمال ، وهو لم يتعلم شيئا من دين الإسلام وسيرة نبيه شيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ، ومناقب أصحاب الهداة المهديين ، وفضائل أئمة دينه المبين ، وأحوال خلفائه الراشدين ، ومن بعدهم من السلاطين ، والأمراء العادلين ، بل روى له عنهم شياطين أولئك المعلمين عكس أوصافهم الجميلة ، ومناقبهم الجليلة ، فاعتقد فيهم خلاف الكمال الذي اعتقده ، وعلى خلاف الحقيقة في أعداء دينه ودولته ، وهؤلاء التلاميذ يكبرون ويعيشون في الظاهر من جملة المسلمين وفي الحقيقة هم أعداء لله والدين ، وقد أشربت قلوبهم الزندقة والضلال المبين ، وترى الواحد منهم لا يجد خلوة مع من يشاكله في ضلاله وسوء حاله ، إلا ويتذاكر معه الاعتراضات على دين الإسلام ، وعوائد المسلمين ، ويمدحون تلك الدولة صاحبة المدرسة التي كملوا فيها دروس الضلال ، وتجردوا من الدين والكمال ، ولا يزال يخرج من هؤلاء الزنادقة في كل سنة من هذه المدارس النصرانية عدد كثير فيجمع منهم في عدة سنين الجم الغفير ، جلهم أو كلهم على هذا الحال ، وقد جعلوا الحق ورائهم ظهريا ، وما بعد الحق إلا الضلال .
ومما يؤيد ما قلته من مقاصد الإفرنج في فتح هذه المدارس ما ذكره الفاضل محمد أفندي طلعت المصري في أواخر كتابه ( تربية المرأة ) ، نقلا عن مجلة سماها صاحبها ( مجلة العالمين ) ، لأحد مشاهير كتاب الإفرنج بين فيها ما يبذل قومه من المساعي والأموال ، في سبيل تقييم النصارى في الشرق ، وغرس محبة دولتهم في أفئدتهم ، ليكونوا لها مصانع وأحزابا ، ثم قال : ومع ذلك فهذه المساعي لم تنتج تمام الغاية المقصودة منها ، لتباين الطوائف النصرانية ، فمن الضروري إذا جمع شتات هذه الفرق حتى لا يعاكس بعضها بعضا ، ومتى صاروا فرقة واحدة ، تمكنوا من مقاومة المسلمين والإعتلاء عليهم .
وفي كلامه على المدارس النصرانية التي اتخذوها سبيلا إلى غاياتهم المنكرة سطر به القلم فأظهر ما تكنه صدور القوم من العداوة والبغضاء لدين الله تعالى ، قائلا : إن من الواجب على الأمم النصرانية أن تعاكس الإسلام في كل طريق ، وتحارب أهله بكل سلاح ثم رأى أن مقاومة الإسلام بالقوة لا تزيده انتشارا ، وإن الواسطة الفعالة لهدم أركان الإسلام وتقويض بنيانه على ما قال : هي تربية بنيه في المدارس النصرانية ، وإلقاء بذور الشك في قلوبهم من عهد النشأة فتفسد عقائدهم الإسلامية من حيث لا يشعرون ، وإن لم يتنبه منهم أحد فإنهم يصيرون لا مسلمين ولا نصارى مذبذبين بين ذلك .
ثم قال : وأمثال هؤلاء يكونون بلا ارتياب أضر على الإسلام وبلاده ، مما إذا اعتنقوا الديانة النصرانية وتظاهروا بها .
পৃষ্ঠা ৮
ولما انتقل إلى ذكر تربية بنات المسلمين ، نفض كل ما في جرابه فقال : إن تربية بنات المسلمين في مدارس الراهبات ، أدعى لحصولنا على حقيقة القصد ، ووصولنا إلى نفس الغاية التي وراءها نسعى ، بل أقول إن تربية البنات بهذه الكيفية هي التربية الوحيدة للقضاء على الإسلام من أيدي أهله .
ثم ذكر ما يترتب على دخول مدارسهم من تغيير أخلاق المرأة المسلمة حتى تتغلب على زوجها ، فقال : ومتى تغلبت المرأة هكذا تغير نظام العائلة بالمرة وأصبح الرجل في قبضة تصرفها ، فتؤثر في عقيدته ، وتبعده عن الإسلام ، وتربي أولادها على غير دين أبيهم ، وفي اليوم الذي تغذي فيه الأم أولادها بلبان هذه التربية ، تكون قد تغلبت على الإسلام نفسه ، فتلك هي أقرب الطرق وأنجح الوسائل لمحاربة الإسلام بأهله دون جلبة ولا ضوضاء ، وهي لا شك أدعى لنوال المأرب ، وبلوغ المرام ، فليس لنا إلا إتباعها ، أما السعي جهارا في محاجة المسلم ، فإنه يوقض عوامل التعصب الكامنة في نفسه ، الساكنة بين جوانحه ، فلا يمكن تذليله وهذا ليس من الحزم في شيء .
انتهى كلام المذكور ، قال بعده محمد أفندي طلعت : هذا نفثات من مصدور ، اكتفى بالإشارة إليها دون تعليق عليها ، وأرجوا أن تكون عبرة للآباء ، وذكرى للأمهات والأبناء .
পৃষ্ঠা ৯
انتهى ، قال النبهاني : فليعتبر العاقلون ، وإنا لله وإنا إليه راجعون وقال في الفصل العشرين : من هذه المدارس مدارس مخصوصة بالإناث افتتحها بعض طوائف النصارى من الإفرنج وخصوصا البروتستانت في البلاد الإسلامية ، وصاروا يجلبون لها بنات المسلمين بكل حيلة ووسيلة ن ويحسنون إليهن بأنواع الإحسان ، ولا سيما بنات الفقراء فيسكنوهن ، ويعطونهن الدراهم والدقيق ، ونحو ذلك فامتلأت مدارسهم من البنات وهم يعلمونهن فيها أحكام دين النصارى ، فلا تخرج البنت بعد إنتهاء مدة المدرسة إلا وهي نصرانية ، أو زنديقة لا دين لها ، ولم يبق في قلبها من العقائد الإسلامية شيء لأنها حينما دخلت المدرسة كانت صغيرة غير عارفة بأحكام الدين ، وهكذا تعيش بعد تخرجها من المدرسة وتربي أولادها ، وهي بحسب الظاهر مسلمة ، وفي الحقيقة لا دين لها ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
انتهى كلامه ، فهذه حقيقة مدارسهم ، وتلك غاية مطالبهم :
পৃষ্ঠা ১০
قال النبهاني في الفصل الرابع عشر من إرشاده : ما هي يا ترى الفوائد التي حصلها ابنك أيها المسلم من تلك المدارس النصرانية ، في مقابلة تضييعه دينه ، وشرفه وحميته ، وغيرته على ملته ودولته وبعد صيرورته بقلبه عدوا لإخوانه المسلمين ، وأوليائه الموحدين ، بل عدو لآبائه وأجداده الذبن مضوا ناجين حائرين لشرف هذا الدين كما صار صديقا محبا لأعداء دينه وملته وجنسيته ودولته ، ينشر مناقبهم وستر مثالبهم ، ويحسن قبائحهم ، ويقدم على مصالح ملته ودولته مصالحهم ، فمن الفائدة التي حصلها في مقابلة ذلك إلا إحدى اللغات الإفرنجية ، وشيئا قيلا من مبادئ العلوم ، التي علمه بها لم يخرجه من كونه جاهلا ، مع إمكان تعلمها وأكثر منها بإتقان وسلامة إيمان في مدارس المسلمين ، وما مثلك أيها الأب الجاهل في إضاعتك دين إبنك وشرفه ، واستعواضه عنها بما استعوض مما ذكر ، إلا كما أضاع أعظم الجواهر نفاسة وقيمة حتى استفاد عوضها فلوسا قليلة أترى ذلك يعد عاقلا كلا والله ، بل هو مجنون قد ابتلى بأعظم بلاء ، ومجذوم أصيب بأقبح داء ، بل ما فقده أعظم من الأرض والسماء ، وما وجده أقل من الذر والهباء ، ولا يحفى ذلك على كل فرد من أفراد المسلمين العقلاء ، وإن خفي على ألئك الجهلة الفساق المراق الأغبياء ، الذين قد فعلوا بأولادهم ومهج أكبادهم في إدخالهم هذه المدرسة ما لا يفعل أكثر منه الأعداء بالأعداء .
পৃষ্ঠা ১১
وقال في الفصل الخامس عشر : أيها المسلم - ماذا رأيت من الخير على من تعلم اللغات الإفرنجية ، وعلومهم الدنيوية حتى خاطرت بدينك ودين ولدك هذه المخاطرة العظيمة وأوقعت نفسك وابنك في هذه المراتع الوخيمة ، إذا كانت اللغات الإفرنجية متكفلة بسعة الرزق وعلو المنزلة والعز والشرف في الدنيا ، فلم نرى هؤلاء المعلمين الذين يتعلم منهم ولدك في المدرسة هم أفقر الناس ، وأذلهم وأشقاهم وأتبعهم في معيشتهم ، لم يحصلوا شيئا من رفعة الجاه ، وعلو المنزلة والعز والشرف في دنياهم ، مع كونهم ماهرين في هذه اللغات ، وولدك إنما يأخذ بعض ما عندهم منها ، فلم ينجح ولدك في دنياه بالقليل الذي يأخذه منهم ، ويتلقاه عنهم ، وهم لم ينجحوا بالكثير الذي أفنوا في تعلمه أعمارهم ، غاية ما حصلوه من فوائد ذلك أن صاروا معلمين في المدارس ن يشتغلون طول النهار بمعاشات قليلة لا تكفيهم مع عيالهم إلا بقدر الضرورة ، وخير من معيشتهم ، وأوسع وأهنأ وأنفع ، معيشة أقل أعوام الناس المتسببين بنحو البيع والشراء ، كما هو مشاهد ، وهنالك جماعة ممن يعرفون هذه اللغات في أسوأ حالة من الاحتياج ، لا يتيسر لهم أن يكونوا معلمين ، وهم من أحوج الفقراء والمساكين ، فلو كانت معرفة هذه اللغات متكفلة بسعة الرزق وكثرة المال ، لما كان هؤلاء في أضيق معيشة ، وأسوأ حال .
পৃষ্ঠা ১২
وانظر أيضا إلى أغنياء المسلمين ، تجدهم من التجار ، أهل البيع والشراء ، والأخذ والعطاء ، وجلهم أو كلهم لا يعرفون هذه اللغات ، وهم في كمال الرفاهية ، ورفعة الجاه ، وعلو المنزلة ، وسعة العيش ، مع حفظ الدين والدنيا ، فالرزق إذا والجاه ، لايتوقف واحد منهما على معرفة هذه اللغات ، فقد ظهر أنها غير متكفلة بسعة الرزق وعلو المنزلة في الدنيا ، بل الغالب عكس ذلك فيمن مهروا فيها ، وصرفوا أكثر أوقاتهم في تعلمها والتوسع فيها ، لأن هذه الأوقات الطويلة التي صرفوها في سبيلها ، لو صرفوها في الشغل في التجارة وأسباب الكسب ، لربما حصلوا من المال ما استغنوا به عن كونهم معلمين في المدارس ، أو كونهم كتابا عند بعض التجار بمعاشات قليلة، فعلم ذلك ، وإياك أن تضل ولد وإياك ، والله يتولاك .
وقال في الفصل السابع عشر : اعلم أيها المسلم الجاهل المجنون ، لا العاقل الذي خاطر بدين ولده ، فوضعه في هذه المدارس ، إني والله الذي لا إله إلا هو لو أعطيت الدنيا بحذافيرها على أني أختار لنفسي أو ولدي الكفر ، لا أفعل . وهكذا كل مسلم ن فإذا لم يكن كذلك لا يكون مسلما ، وقد اخترت أنت الكفر لنفسك ولولدك بدون مقابل ، وعل وهم أن ولدك يحصل له شيء من المال والجاه ، بسبب ما يتعلمه بهذه المدارس النصرانية من اللغات الإفرنجية ، والعلوم الدنيوية مع أنك إذا نظرت نظر تحقيق - لم تر من كل مائة شخص من هؤلاء التلاميذ والعلوم ، مع ذلك تكدرت مشاهدة بصرك وعلمك ، الصحيح تصدق الشيطان وإخوانه ، وشرهم نفسك التي بين جنبيك ، فيما يسولونه لك من هذه الأوهام التي أضعت بها منك ومن ولدك دين الإسلام الذي لا يعادله شيء من الدنيا وما فيها من الحكام ، وإذا لم يؤثر فيك أيها الجاهل هذا الكلام ، فلا لوم علينا إذا قلنا أنك لست من ذوي الأحلام ، وعلى من اتبع الهدى لا عليك السلام .
পৃষ্ঠা ১৩
وقال في الفصل الثامن عشر : أيها المسلمون إن إدخالك ولدك إلى هذه المدارس النصرانية - أمر عظيم ، وبلا جسيم لا أقدر أن أصف لك عظمته وجسامته ، ومن ذلك أنك ربما يكون بوضعك ولدك فيها على الوجه المذكور سببا لكفره وكفر ذريته من بعده ، ويحتمل أن يخرج منه من الذرية ألوف كثيرة ، فتكون أنت السبب في ضلالهم ، وعليك فوق إثمك مثل إثمهم أجمعين . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من سن سنة سيئة فعليه إثمها وإثم من عمل بها إلى يوم القيامة ) . والمتسبب بالخير كفاعله ، فكيف ترضى لنفسك ذلك ، وأن تكون جد قوم كثيرين كلهم أهل كفر وضلال ، ولكن لا غرابة في رضاك لهم بذلك إذا رضيت به لنفسك ، فسلكت بها أقبح المسالك ، وأوردتها شر المهالك ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وقال في الفصل الحادي عشر : أنت تعرف أيها الإنسان قلبك وما انطوى عليه من العقائد الدينية فان كنت تعلم أنك غير مسلم ، وغير معتقد عقائد الإسلام ، فما ينفع معك كلام ، لأنك زنديق منافق ، وقد اخترت لولدك من الزندقة والنفاق ، ما اخترته لنفسك ، فأنت وهو إذا تبعك على ضلالك في الدرك الأسفل من النار وبئس القرار وإن كنت مسلما حقيقة معتقدا عقائد الإسلام ، وهذا هو ضننا فيك ن والله يهدينا ويهديك ، فما لك تفرط في دين ابنك هذا التفريط العظيم ، بل تفرط في دين نفسك أيضا وترتع أنت وابنك في هذا المرتع والوخيم ، فإن كان قد حسن لك الشيطان وأعوانه هذا الأمر القبيح ، فها أنا وأمثالي نوضح لك قبحه ووبال غاية التوضيح فلم تطيعهم وتعصينا ؟ ونحن ندعوك إلى الجنة ، وهم يدعونك إلى النار ، ونحن نتسبب بنجاحك وهم يتسببون لك بالهلاك والدمار ، مع معرفتك يقينا أننا أعرف منك فيما يصلح الدين وما يفسده وما يقرب الإنسان من الله وما يبعده ، فالله الله ، اتق الله في نفسك وولدك ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
পৃষ্ঠা ১৪
وقال في الفصل الخامس والعشرين : ومن العجائب أن نرى طوائف النصارى على الإطلاق ، لا يضعون أولادهم في مدارس المسلمين مهما كانت ناجحة ، بل لا تضع طائفة منهم أولادها في مدارس طائفة أخرى ، لألا تتغير عقائدهم ، فإن كل طائفة منهم تكفر الأخرى ، وكذلك اليهود مع قلتهم وذلتهم ، فتحوا لأولادهم مدارس مخصوصة بهم ، لألا يحتاجوا في تعليمهم إلى وضعهم في مدارس المسلمين والنصارى ، وكل ذلك من هذه الطوائف ، لحرصهم على أديان أبنائهم وأولادهم ، وفي حال مشاهدتنا ذلك منهم ، نرى كثيرا من فساق المسلمين ، غير حريصين على دين أولادهم ، فيضعونهم في مدارس أي طائفة من طوائف النصارى ، بل وفي مدارس اليهود أيضا ، ويخاطرون بدينهم غاية المخاطرة ليتعلموا شيء من اللغات الإفرنجية ، وبعض العلوم الدنيوية ، حالة كونها يمكن تعلمها مدارس المسلمين ن وغير المدارس أيضا ، بأن يستأجر أبو الصبي معلما مخصوصا لولده ، يعلمه اللغة التي يريدها ن فانظر أيها المؤمن حرص هؤلاء على أديانهم الباطلة ، وعدم حرصك على دينك الحق ، وتعجب من نفسك عن كان ينفعك العجب ، وأما قولك - أني لا أخشى على ولدي اتباع أديانهم ، لأنها ظاهرة البطلان فهذا يا أخي من تسويلات النفس ووساوس الشيطان ، لأن ولدك متى اختلت عقيدته الإسلامية ، فدخوله في دينهم وعدم دخوله سيان ، وها أنا اجتهد في نصحك والله المستعان .
পৃষ্ঠা ১৫
وقال في الفصل الثاني والثلاثون ، اعلم أن من جهال المسلمين من يتقرب إلى قلوب النصارى والإفرنج ، بوضع ولده في مدارسهم ويتودد إليهم بذلك حتى يحبوه ، ويقولوا أن فلانا ليس عنده عصبية دينية فيا أيها الجاهل الفاسق ، لأي شيء تتغير من نسبتك إلى العصبية الدينية وتسترها عنهم وهم يفتخرون بها ، يظهرونها بعدم وضع أولادهم في غير مدارسهم ، مع أن دينهم من أبطل الباطل الذي ينبغي أن يتعير به حقيقة ، ودينك أحق الحق الذي يفتخر به حقيقة ، أما أنت فمنسوب لدين الإسلام الذي هو خير الأديان ن وأفضل ما عبد به الرحمن ن بل هو الدين الحق ، الوحيد الذي ما على فضله وكماله في السابقين واللاحقين من مزيد ، فنحن والحمد لله ، لنا كل الفخر في هذه النسبة الشريفة ، التي لا شرف أشرف منها .
ويا ليت شعري ، ما هي العصبية الدينية ، هل هي إلا أن تتمسك بدينك ،وتحل ما أحل الله ، وتحرم ما حرم الله ، وتحب في الله ، وتبغض في الله ، وهل الدين غير هذا ، وأنت تعلم أن دين الإسلام قد بني على الإعلان والإظهار ، لا على التكتم والاستهتار .
أما ترى الله كيف شرع الأذان في كل يوم خمس مرات ، وبنوا لذلك المآذن ، وأعلنوه غاية الإعلان ، وأظهروه غاية الإظهار ، على رؤوس الأشهاد ، في جميع البلاد ، أتستره أنت أيها الجاهل الفاسق ، بتوهمك أن إظهاره عليك عار ، وأنك بذلك تستجلب مودة الكفار ، أف لك من مسلم ساقط الهمة عديم النخوة ، هل سمعت قط أن عاقلا يجتهد في ستر شرفه ، الذي لا شرف مثله ؟ ويتغير بإعلانه بين أعدائه وإخوانه ؟
পৃষ্ঠা ১৬
قال : ومن أعجب ما سمعت في هذا الباب أن رجلا من أكابر المسلمين ، وهو من المحافظين على الصلاة والصيام ، وأنواع العبادات ، ويعد من صلحاء الجهال ، حضر في دعوة بعض أكابر النصارى ، فحينما وضعوا الخمر على المائدة وهو جالس عليها ، تناول كأسا وشربه ، خوفا من أن يقولوا متعصب في دينه ، وطن بجهله أن هذا الخاطر الشيطاني ، يكون عذرا له ، ولا يخل بطاعته ، فانظر إلى الحهل وآفاته .
وقال في الفصل الثلاثين : إن كنت أيها المسلم تحت حكم غير المسلمين ، مجبورا على وضع ولدك في مدارسهم ، فأما أن تكون قادرا على الهجرة إلى بلاد الإسلام التي تحكم حكم المسلمين ، أر غير قادر على الهجرة ، وقد بين الله تعالى في كتابه العزيز حكم ذلك في الحالتين ، فقال في سورة النساء : ((} إن الذين توفاهم الملآئكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا (97) إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا (98) فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا (99)ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما (100) .
পৃষ্ঠা ১৭
قال البيضاوي في تفسيره : في الآية ديليل على وجوب الهحرة من موضع لا يتمكن الرجل فيه من إقامة دينية قال : وعن النبي صلى الله عليه وسلم : ( من فر بدينه من أرض الله إلى أرض وإن كان شبرا من الأرض وجبت له الجنة ، وكان رفيق أبيه إبراهيم ونبيه محمد عليهما الصلاة والسلام )) .
وقال محشيه الشهاب الخفاجي : الهجرة من بلاد الكفار وبلاد لا تقام فيها شعائر الإسلام واجبة ، كما نقله ابن العربي المالكي قال : وكذا البلاد الوبئية .
وقال ابن حجر في فتح الباري : واستنبط سعيد بن جبير من هذه الآية وجوب الهجرة من الأرض التي يعمل فيها بالمعصية .
هذا كلامه وهو من طرف مما تضمنه إرشاده من المراشد البديعة والنصائح البالغة ، وأنت تعلم أنه كلام مطلع على دسائس القوم ، خبير بأحوالهم ، مشفق بأمته ، ناصح لهم ، فإن سمعت مقالته ، وسمعت نصحيته ، أخذت حضا وافرا من الحزم والكيس ، وإن أهملت مقالته ، وأطرحت نصيحته ، ألقيت بيدك إلى التهلكة ، وسلمت نفسك لعدوك وكنت من الذين وصفهم الله تعال - بأنهم أموات غير أحياء وما يشعرون ، فالله الله في نفسك ودينك ونسلك ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل )) .
পৃষ্ঠা ১৮
لا يقال أن كلامه في هذا الفصل الأخير يقتضي وجوب الهجرة ، وهي منسوخة بعد الفتح ، لأنا نقول إنما نسخت الهجرة بعد الفتح ، لما قوي الإسلام ، وأمن المسلمون من الفتنة في دينهم ، وتظاهر الناس بالإسلام ، وتمسكوا بعروته ، وتعززوا بمنعته ، وتمكنوا من دعوته ، وكانت الهجرة فبل ذلك واجبة ، حيث كان المسلم يفتتن في دينه بين ظهراني الكفار ، وهو لا يستطيع دفاعا ، ولا يملك امتناعا إلا أن يعطيهم ذلك بلسانه ، وقلبه مطمئن بالإيمان فشرع الله لهم في ذلك الحال التقية ، لطفا منه ورحمة ، وأوجب الهلاك على من شرح بالكفر صدرا ، فالتقية سبيل المستضعفين ، والهجرة سبيل المستطيعين ، فإذا نزلت على بعض المسلمين حالة مثل حالة من كان قبل الفتح من المسلمين ن وجب أن يعطوا حكم ذلك لأن الفرار بالدين واجب في كل زمان ، فالطمأنينة ، في أمكنة الكفار ، إنما جوز عند سلامة الدين ، ولا تجوز عند فساده ، ومن اطمأن فيها مع فساد دينه كان قد آثر الدنيا على الدين ، ودجل تحت الوعيد المذكور ، ومن ها هنا قال أبو يعقوب رحمه الله تعالى : لا يجوز اتخاذ الأوطان في البلدان التي يمتلكها النصارى ، وتغلبوا على أهلها ، وجرت فيها أحكامهم وذلك كله إنما يريد به الفرار بالدين ، فهو تحذير لهم من الإقامة بها ، لا كما توهمه بعض الجهلة - أن له أن يطمئن ولكن يصلي فيها قصرا فقط ، والله المستعان وبيده كل الخير ، والعلم عند الله ، والسلام .
পৃষ্ঠা ১৯
الفصل الثاني : في لباس النصارى وقد نهيتهم عن ذلك ، فقال المعترض المجادل عن الذين يختانون أنفسهم : لا يخفى على شيخنا أن اللباس ليس من العبادات ولا من الاعتقاديات ، إنما هو من العادات ، ولقد صرح الأثر عنه صلى الله عليه وسلم أهديت له كرزية من الروم ضيقة الأكمام ، كان إذا أراد الوضوء ، يخرج الوضوء من أذيالها ، وأيضا فلابس الكوت ، لا يقال له لابس لباس المشركين ، لأن هذا الكوت أخذه المسلمون ، فعربوه وفصلوه تفصيلا غير تفصيل المشركين ، فالبعض زاد طوله ، والبعض نقض من الطرفين - الطول والعرض - وغير ذلك ، ولربما الخائط كان مسلما ، نعم لو لبس الكوت والبنطلون والبرنيطة ، وعقد الزنار ، وعلق الصليب في عنقه من غير إكراه فهذا لابس لباس المشركين ، وأيضا فالكوت منفردا ، أخف إضاعة مال من الجوخة والبشت ، المنقوشين بالقصب المفضض ، البالغ فوق الحاجة ، ماية روبية وخمسين ، وأقلها ثلاثين روبية ، وخمسين روبية ، وأقلها ثلاثين روبية وأي إضاعة أكثر من هذا ، إذ ثمن واحد من هذين يسد حاجة جم غفير من الفقراء وهاهم جياع ، وأيضا فالكوت ليس من خصوصيات لباس النصارى فقد شوركوا فيه ، أيضا أكل مستعمل المشركين حرام علينا ؟ فالكوت تلبسه الزنجباريون بعدما يلبسون الإزار والقميص والكمة والعمامة ، بدلا من الجوخة لخفته على الجسد ، وأقل مغرما وإن كانت شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، ليس فيها توسع لهذا الكوت ، فالأولى لأهل زنجبار الخروج من زنجبار ولا فائدة في قوله صلى الله عليه وسلم : ( جئت ميسرا لا معسرا ) .
لأن زماننا هذا الملبوس والمأكول والمشروب ، غالبه من عمليات المشركين ، وترك أفريقية للمشركين ، مما تطلبه المشركون في دهرها ولا قائل به إذ لم يمنعونهم دينهم .
পৃষ্ঠা ২০
الجواب : فلا أعلافه ، ولا أقول فيه على الخصوص بشيء . وإنما أتكلم عن لباس الكفار من نصارى وغيرهم ، ولعل الفقراء الذين كانوا حولكم جياعا ، أمسوا ببركة لباسكم الجديد شباعا ، وتالله ما تركتم لباسكم زهدا ولا قناعة ولا اقتصادا ، ولا لقصد المواساة لفقرائكم ، ولكنه أشرب في قلوبكم حب أعدائكم ، فاستحسنتم منهم كل قبيح ، واستصلحتم كل فاسد ، وتشبهتم بحركاتهم ، وسكناتهم ، وتزينتهم بهيئاتهم ، وطبعتم ألسنتكم على لغاتهم ، ونبذتم كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام ، وسيرة السلف وراء ظهوركم ، فآمنتم ببعض الكتاب ، وكفرتم ببعض ، واستبدلتم بالرشد غيا ، وبالهدى ضلالا ، وبعتم الآخرة بالدنيا ، فما ربحت تجارتكم ولا أنتم مهتدون ، إلا من رحم الله وتداركه بلطفه ، فأيقض همته ، وفتح بصيرته ، وندم على خطيئته ، وراجع سيرة سلفه ورجع عن الظلمات إلى ما خرج منه من نور الهدى ، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم حسن الإتباع ، ويجنبنا قبح الابتداع ، والملابس الفاخرة موجودة عند العرب في جميع أيامها ، كل عصر بحسب ما يليق به ، في جاهلية وإسلام ، ولم يحرم الشارع منها إلا الذهب والحرير على الرجال خاصة : ((قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق )) وإنما تركها من تركها ، إنما لعدم وجودها عنده ، أو لزهد وقناعة .
পৃষ্ঠা ২১