بنت عشرين وخمس
فعرفت أنه لم يحدد سنها بخمس وعشرين سنة إلا خضوعا للقافية، كما أطالت الآنسة منيرة خضوعا للرغبة في الانتقام من المخلص زكي مبارك.
الأدب الجديد
أكنت تحسبنا في حاجة إلى أن نبني دارا جديدة للبرلمان لو أن قصر «اللابيرانت» موجود؟ إننا لو فعلنا ذلك لكنا من المسرفين، وهل ترى من الحزم أن نبني قناطر أخرى بمحاذاة القناطر الخيرية وهي ما هي في متانة البناء؟ وهل ترى من حسن الإدارة أن نحفر مجرى آخر للنيل يساير فرع رشيد أو فرع دمياط، على حين لم يشك أحد الظمأ بالقرب من هذين الفرعين؟ وهل تجد من الرأي أن يبنى مسجد جديد فوق القلعة وإن كان مسجد محمد علي يسع أضعاف المصلين هناك؟
الأمر واحد أيها القارئ في عالم المحسوسات وفي عالم المعقولات، فما بالنا نبني ما لا حاجة إليه في الآداب باسم التجديد والإبداع؟ وأريد أن أقدم لك هذا الموضوع بشيء من التفصيل، هل تذكر أن النقاد الأقدمين فضلوا جريرا على الفرزدق؛ لأن هذا ماتت امرأته «النوار» فلم يبكها إلا بقصيدة جرير في بكاء امرأته:
لولا الحياء لهاجني استعبار
ولزرت قبرك والحبيب يزار
وهذا لا يدل عندي على أن الفرزدق أضعف من جرير في الرثاء، ولكنه يدل على حبه للقصد وبغضه للإسراف؛ وإلا فما الحاجة إلى أن ينظم في رثاء امرأته قصيدة جديدة وأمامه قصيدة جرير تساعده على البكاء.
إن عرائس الشعر في عالم المعقولات تشبه الأنهار في عالم المحسوسات، فكما لا يجوز أن تحفر نهرا جديدا تتلف في سبيله ما شئت من المباني والمزارع من غير حاجة ماسة؛ لا يجوز أن تنشئ قصيدة جديدة تسهر من أجلها ليلك من غير سبب معقول، وليس معنى التجديد والإبداع أن تزيد أو تنقص ما أجاد فيه من قبلك الكتاب والشعراء، وإنما تكون مبدعا حين تنشئ آثارا جديدة فيما غفل عنه الأقدمون أو قصر فيه المحدثون. ولأضرب لك الأمثال:
ألم تشك مرة غدر الصديق؟ ألم تحاول النيل من أخ كان وفاؤه طيب الحياة، ثم عاد غدره نكد الحياة؟ فإن كنت وقفت هذا الموقف في حياتك الوجدانية، فهل تذكر أنك فزعت بعد نية القطيعة إلى الصفح الجميل؟
অজানা পৃষ্ঠা