أو ينفران منه علمًا فهذه جملة أصول العلم وطُرقها ومحصولها راجع إلى ثلاثة أصناف إلى المعقول بديهةً والمحسوس ضرورة لأن ما يدرك بهما يدرك بلا واسطة ومقدّمات والثالث المستدلّ عليه المستنبط بالبحث والإمارة فهذه يقع فيها الاختلاف والإضطراب لخروجه عن حيّز الحاسة والبديهة وتفاوت قُوى المستدلّين والناظرين وتفاوت أرائهم وعقولهم.
وهذا يكثر حدًّا وفيه صُنفت الكتب ودُونت الدواوين من علمي الحكمة والملّة مُذ قامت الدنيا على ساقها ولا يزال كذلك إلى انقضاء الدهور وتخرُّم الأيام وكثير من الناس أبوا أن يسمّوا علم البديهة والحسّ علمًا على الحقيقة لاشتراك الناس كلّهم فيه واستواء درجاتهم في ذلك ثم هو غير مستفاد ولا مكتسب بل أوجبه الطبع العزيزة وقوّة التمييز والخلقة،
القول في العقل والمعقول،
أقول أنّ العقل قوّة إلهية ممّيزة بين الحقّ والباطل والحسن والقبيح وأمّ العلوم وباعث الخطرات الفاضلة وقابل اليقين وقد قيل إنما سمّى عقلًا لأنه عقال للمرء عن التخطّى إلى ما خُطر عليه وقد أكثرت الفلاسفة الاختلاف في ذكره ووصفه قال ارسطاطاليس في كتاب
1 / 23