المستلزم للصانع تعالى. والثانى ، هو أن ينظر فى الوجود نفسه ، ويقسمه الى الواجب والممكن حتى يشهد القسمة بوجود واجب صدر عنه جميع ما عداه من الممكنات ، وإليه الاشارة فى التنزيل بقوله تعالى : ( أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ). والمصنف ذكر فى هذا الباب الطريقين معا. فأشار الى الاول عند اثبات كونه قادرا وسيأتى بيانه ، واما الثاني فهو المذكور هنا. وتقريره ان نقول لو لم يكن الواجب تعالى موجودا ، لزم إما الدور أو التسلسل ، واللازم بقسميه باطل ، فالملزوم وهو عدم الواجب مثله فى البطلان. فيحتاج هنا الى بيان أمرين : أحدهما بيان لزوم الدور والتسلسل ، وثانيهما بيان بطلانهما. اما بيان الامر الاول ، فهو ان هاهنا ماهيات متصفة بالوجود الخارجى بالضرورة ، فان كان الواجب موجودا معها فهو المطلوب ، وان لم يكن موجودا يلزم اشتراكها بجملتها فى الامكان ، اذ لا واسطة بينهما ، فلا بد لها من مؤثر حينئذ بالضرورة ، فمؤثرها إن كان واجبا فهو المطلوب ، وإن كان ممكنا افتقر الى مؤثر ، فمؤثره إن كان ما فرضناه أولا لزم الدور ، وإن كان ممكنا آخر غيره ننقل الكلام إليه ونقول كما قلناه أولا ويلزم التسلسل ، فقد بان لزومها. وأما بيان الأمر الثاني ، وهو بيان بطلانهما ، فنقول أما الدور فهو عبارة عن توقف الشيء على ما يتوقف عليه كما يتوقف (ا) على (ب) و (ب) على (ا) وهو باطل بالضرورة ، اذ يلزم منه أن يكون الشيء الواحد موجودا ومعدوما معا ، وهو محال. وذلك لانه اذا توقف (ا) على (ب) كان الألف متوقفا على (ب) وعلى جميع ما يتوقف عليه (ب) ومن جملة ما يتوقف عليه (ب) هو الألف نفسه ، فيلزم توقفه على نفسه ، والموقوف عليه متقدم على الموقوف فيلزم تقدمه على نفسه ، والمتقدم على نفسه من حيث انه متقدم يكون موجودا قبل المتأخر ، فيكون الألف حينئذ موجودا قبل نفسه ، فيكون موجودا ومعدوما معا ، وهو محال. وأما التسلسل فهو ترتب علل ومعلولات بحيث يكون السابق علة فى وجود لاحقه وهكذا ، وهو أيضا باطل ، لان جميع آحاد تلك السلسلة الجامعة لجميع الممكنات تكون ممكنة لاتصافها بالاحتياج ، فتشترك بجملتها فى الامكان ،
পৃষ্ঠা ৮