ويمكن توجيه الجواب بأن حاصله ان التقسيم المذكور مبنى على ما يبدو فى بادى الرأى من أن الموجود سواء كان واجبا او ممكنا ما كان وجوده زائدا على ذاته ثم يحقق فى ثانى الحال أن الواجب الذي ثبت وجوده بالبرهان وفرع عليه خواصه وجوده عين ذاته ، وما كان وجوده مقتضى ذاته ممتنع الوجود فى الخارج ، فكأنهم تسامحوا فى أول الأمر إلى أن تبين حقيقة الحال فى المآل ، وأمثال ذلك كثيرة فى كلام الحكماء كما لا يخفى على من تتبع كلامهم.
وربما يجاب عن اصل السؤال بأن المراد من اقتضاء الذات للوجود اقتضاؤه لحمل الوجود المطلق عليه مواطاة أو اشتقاقا ، وكذا المراد من اقتضاء الذات للعدم اقتضاؤه لحمل العدم المطلق عليه كذلك.
وأورد عليه انه يلزم على هذا أن يكون الوجودات الخاصة للممكنات واجبة لذواتها ، ضرورة انها تقتضى حمل الوجود المطلق عليها مواطاة.
أقول : فيه نظر ، لان المراد من الاقتضاء التام الضرورى كما هو المتبادر ، ومن البين ان تلك الوجودات الخاصة لا تقتضى حمل الوجود المطلق عليها اقتضاء تاما ضروريا ، لان افتقارها الى عللها يستلزم افتقاره الى تلك العلل ، فلا يكون اقتضاؤها له تاما ضروريا ، على أن أصل الاقتضاء أيضا فى معرض المنع فلا تغفل.
ويمكن أن يجاب من أصل الاشكال بان حاصل التقسيم ان الشيء إما ان يكون موجودا لا باقتضاء الغير وهو الواجب لذاته ، وإما أن يكون معدوما باقتضاء الغير وهو الممتنع لذاته ، وإما ان يكون موجودا ومعدوما باقتضاء الغير وهو ممكن لذاته على نحو ما قالوا إن الجوهر قائم بذاته بمعنى أنه غير قائم بغيره. وعلى هذا لا غبار عليه ، الا انه لا يخلوا عن شوب تكلف.
البحث الثانى فى ان ذلك التقسيم غير حاصر ، لجواز أن يكون الذات مقتضيا للوجود والعدم معا ، فالاقسام أربعة لا ثلاثة.
وأجيب عنه بان هذا الاحتمال مضمحل بادنى التفات من بديهة العقل ، ضرورة
পৃষ্ঠা ৮১