اقول : لما ثبت نبوة نبينا (ص) وعصمته ثبت أنه صادق فى كل ما أخبر بوقوعه ، سواء كان سابقا على زمانه كإخباره عن الأنبياء السالفين وأممهم والقرون الماضية وغيرها ، أو فى زمانه كإخباره بوجوب الواجبات وتحريم المحرمات وندب المندوبات والنص على الأئمة وغير ذلك من الأخبار ، أو بعد زمانه فإما فى دار التكليف كقوله (ص) لعلى : ستقاتل بعدى الناكثين والقاسطين والمارقين أو بعد التكيف كأحوال الموت وما بعده ، فمن ذلك عذاب القبر والصراط والميزان والحساب وانطاق الجوارح وتطاير الكتب وأحوال القيمة وكيفية حشر الأجسام وأحوال المكلفين فى البعث. ويجب الاقرار بذلك اجمع والتصديق به ، لان ذلك كله امر ممكن لا استحالة فيه وقد أخبر الصادق بوقوعه فيكون حقا.
قال : ومن ذلك الثواب والعقاب وتفصيلهما المنقولة من جهة الشرع صلوات الله على الصادع به.
اقول : ان من جملة ما جاء به النبى (ص) الثواب والعقاب ، وقد اختلف فى انهما معلومان عقلا أم سمعا. أما الأشاعرة فقالوا سمعا ، وأما المعتزلة فقال بعضهم بان الثواب سمعى اذ لا يناسب الطاعات ولا يكافى ما صدر عنه من النعم العظيمة فلا يستحق عليه شيء فى مقابلتها وهو مذهب البلخى. وقال معتزلة البصرة انه عقلى لاقتضاء التكليف ذلك ، ولقوله : جزاء بما كانوا يعملون. وأوجبت المعتزلة العقاب للكافر وصاحب الكبيرة حتما. وقد تقدم لك من مذهبنا ما يدل على وجوب الثواب عقلا. وأما العقاب فهو وان اشتمل على اللطفية ، لكن لا يجزم بوقوعه فى غير الكافر الذي لا يموت على كفره ، وهنا فوائد :
الأول ، يستحق الثواب والمدح بفعل الواجب والمندوب وفعل ضد القبيح أو الإخلال به بشرط أن يفعل الواجب لوجوبه أو لوجه وجوبه والمندوب كذلك. وكذا فعل ضد القبيح أو الاخلال به لقبحه لا لأمر آخر غير ذلك ، ويستحق العقاب والذم بفعل القبيح والاخلال بالواجب.
পৃষ্ঠা ৫৪