الدهماء ، وجرب قواعد السياسة ، علم ضرورة ان الناس اذا كان لهم رئيس مطاع مرشد فيما بينهم يردع الظالم عن ظلمه ، والباغي عن بغيه ، وينتصف المظلوم من ظالمه ، ومع ذلك يحملهم على القواعد العقلية والوظائف الدينية ، ويردعهم عن المفاسد الموجبة لاختلال النظام فى أمور معاشهم وعن القبائح الموجبة للوبال فى معادهم ، بحيث يخاف كل واحد من مؤاخذته على ذلك ، كانوا مع ذلك الى الصلاح أقرب ومن الفساد ابعد. ولا نعنى باللطف الا ذلك ويكون الإمامة لطفا وهو المطلوب.
واعلم ان كل ما دل على وجوب النبوة فهو دال على وجوب الإمامة إذ الإمامة خلافة عن النبوة قائمة مقامها الا فى تلقى الوحى الالهى بلا واسطة ، وكما ان تلك واجبة على الله تعالى فى الحكمة ، فكذا هذه. وأما الذين قالوا بوجوبها على الخلق ، فقالوا يجب عليهم نصب الرئيس لدفع الضرر من أنفسهم ، ودفع الضرر واجب. قلنا لا نزاع فى كونها دافعة للضرر وكونها واجبة ، وانما النزاع فى تفويض ذلك الى الخلق لما فى ذلك من الاختلاف الواقع فى تعيين الأئمة فيؤدي الى الضرر المطلوب زواله. وأيضا اشتراط العصمة ووجوب النص يدفع ذلك كله.
قال : الثاني يجب أن يكون الإمام معصوما ، وإلا تسلسل ، لأن الحاجة الداعية إلى الإمام هى ردع الظالم عن ظلمه والانتصاف للمظلوم منه ، فلو جاز أن يكون غير معصوم لافتقر إلى إمام اخر ويتسلسل وهو محال. ولأنه لو فعل المعصية ، فإن وجب الإنكار عليه سقط محله من القلوب وانتفت فائدة نصبه ، وإن لم يجب سقط وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وهو محال ، ولانه حافظ للشرع فلا بد من عصمته ليؤمن من
পৃষ্ঠা ৪১