وهنا فوائد : الأولى ، العوض هو النفع المستحق الخالى من تعظيم وإجلال ، فبقيد المستحق خرج التفضل ، وبقيد الخلو عن التعظيم خرج الثواب. الثانية ، لا يجب دوام العوض لأنه لا يحسن فى الشاهد ركوب الأهوال الخطيرة ومكابدة المشاق العظيمة لنفع منقطع قليل. الثالثة ، العوض لا يجب حصوله فى الدنيا لجواز أن يعلم الله المصلحة فى تأخيره بل قد يكون حاصلا فى الدنيا وقد لا يكون. الرابعة ، الذي يصل إليه عوض ألمه فى الآخرة إما أن يكون من أهل الثواب أو من أهل العقاب ، فإن كان من أهل الثواب فيكفيه إيصال اعواضه إليه بان يفرقها الله تعالى على الأوقات ، او يتفضل عليه بمثلها. وإن كان من أهل العقاب اسقط بها جزء من عقابه بحيث لا يظهر له التخفيف بان يفرق القدر على الأوقات. الخامسة ، الألم الصادر عنا بأمره تعالى أو إباحته والصادر عن غير العاقل كالعجماوات وكذا ما يصدر عنه من تفويت المنفعة لمصلحة الغير وإنزال الغموم الحاصلة من غير فعل العبد يجب عوض ذلك كله على الله تعالى لعدله وكرمه.
اقول : الفصل الخامس فى النبوة.
النبي (ص) هو الإنسان المخبر عن الله تعالى بغير واسطة أحد من البشر.
اقول : لما فرغ من مباحث العدل أردف ذلك بمباحث النبوة لتفرعها عليه ، وعرف النبى بأنه الإنسان المخبر عن الله تعالى بغير واسطة أحد من البشر. فبقيد الإنسان يخرج الملك ، وبقيد المخبر عن الله يخرج المخبر عن غيره ، وبقيد عدم واسطة بشر يخرج الإمام والعالم فانهما مخبران عن الله تعالى بواسطة النبي.
اذا تقرر هذا فاعلم ، ان النبوة مع حسنها خلافا للبراهمة واجبة فى الحكمة خلافا للأشاعرة ، والدليل على ذلك هو أنه لما كان المقصود من إيجاد الخلق هو المصلحة العائدة إليهم ، كان إسعافهم بما فيه مصالحهم وردعهم عما فيه مفاسدهم واجبا فى الحكمة ، وذلك إما فى أحوال معاشهم أو احوال معادهم. أما احوال معاشهم
পৃষ্ঠা ৩৪