وجوده دون غيره يقتضي استغناؤه عنه ، وافتقار غيره إليه .
اقول : من صفاته السلبية كونه ليس بمحتاج إلى غيره مطلقا ، لا فى ذاته ولا فى صفاته وذلك لأن وجوب الوجود الثابت له يقتضي استغنائه مطلقا عن مجموع ما عداه ، فلو كان محتاجا لزم افتقاره ، فيكون ممكنا ، تعالى الله عنه ، بل البارى جلت عظمته مستغن عن مجموع ما عداه ، والكل رشحة من رشحات وجوده ، وذرة من ذرات فيض جوده.
قال : الفصل الرابع فى العدل ، وفيه مباحث :
الأول ، العقل قاض بالضرورة أن من الأفعال ما هو حسن ، كرد الوديعة والإحسان والصدق النافع ، وبعضها ما هو قبيح ، كالظلم والكذب الضار ، ولهذا حكم بهما من نفى الشرائع ، كالملاحدة وحكماء الهند ، ولأنهما لو انتفيا عقلا لانتفيا سمعا ، لانتفاء قبح الكذب حينئذ من الشارع.
اقول : لما فرغ من مباحث التوحيد ، شرع فى مباحث العدل. والمراد بالعدل هو تنزيه البارى تعالى عن فعل القبيح ، والاخلال بالواجب. ولما توقف ذلك على معرفة الحسن والقبح العقليين ، قدم البحث فيه. واعلم ان الفعل الضرورى التصور ، وهو إما ان يكون له وصف زائد على حدوثه أولا ، والثاني كحركة الساهى والنائم ، والأول إما ان ينفر العقل من ذلك الزائد أولا ، والأول هو القبيح. والثاني وهو الذي لا ينفر العقل منه ، إما أن يتساوى فعله وتركه وهو المباح ، أو لا يتساوى ، فان ترجح تركه فهو إما مع المنع من النقيض وهو الحرام وإلا فهو المكروه ، وان ترجح فعله ، فإما مع المنع من تركه وهو الواجب ، أو مع جواز تركه وهو المندوب.
পৃষ্ঠা ২৫