جهة. وأما سمعا فلوجوه : الأول ، ان موسى (ع) لما سئل الرؤية أجيب ب ( لن تراني ) ولن لنفي التأبيد نقلا عن أهل اللغة ، واذا لم يره موسى لم يره غيره بطريق أولى. الثاني ، قوله : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) تمدح بنفى ادراك الأبصار له ، فيكون إثباته له نقصا. الثالث ، انه تعالى استعظم طلب رؤيته ، ورتب الذم عليه والوعيد ، فقال : ( فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم )، ( وقال الذين لا يرجون لقاءنا لو لا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا ).
قال : الخامسة ، فى نفى الشريك عنه للسمع وللتمانع ، فيفسد نظام الوجود ، ولاستلزامه التركيب لاشتراك الواجبين فى كونهما واجبى الوجود ، فلا بد من مائز.
اقول : اتفق المتكلمون والحكماء على سلب الشريك عنه تعالى لوجوه : الأول ، الدلائل السمعية الدالة عليه وإجماع الأنبياء ، وهو حجة هنا لعدم توقف صدقهم على ثبوت الوحدانية. الثاني ، دليل المتكلمين ويسمى دليل التمانع ، وهو مأخوذ من قوله تعالى : ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) . وتقريره انه لو كان معه شريك لزم فساد نظام الوجود وهو باطل. بيان ذلك انه لو تعلقت إرادة أحدهما بإيجاد جسم متحرك ، فلا يخلو أن يمكن للآخر إرادة سكونه أولا ، فان أمكن فلا يخلو إما أن يقع مرادهما ، فيلزم اجتماع المتنافيين ، أولا يقع مرادهما ، فيلزم خلوا الجسم عن الحركة والسكون ، أو يقع مراد احدهما ففيه فسادان : احدهما الترجيح بلا مرجح ، وثانيهما عجز الآخر ، فإن لم يكن للآخر إرادة سكونه ، فيلزم عجزه ، اذ لا مانع الا تعلق إرادة ذلك الغير لكن عجز الإله والترجيح بلا مرجح محال ، فيلزم فساد النظام وهو محال أيضا. الثالث ، دليل الحكماء ، وتقريره أنه لو كان فى الوجود واجبا وجود لزم امكانهما. وبيان ذلك انهما حينئذ يشتركان فى وجوب
পৃষ্ঠা ২৩