وتقدير صدوره ، فليس مخصصا والا لكان متبوعا. وأما باقى الصفات فظاهر انها ليست صالحة للتخصيص. فإذن المخصص هو علم خاص مقتضى لتعيين الممكن ووجوب صدوره عنه ، وهو العلم باشتماله على مصلحة لا تحصل الا فى ذلك الوقت او على ذلك الوجه ، وذلك المخصص هو الإرادة. الثانى : أنه تعالى أمر بقوله ( أقيموا الصلاة ) ونهى بقوله ( ولا تقربوا الزنى ) فالامر بالشيء يستلزم إرادته ضرورة والنهى عن الشيء يستلزم كراهته ضرورة ، فالبارى تعالى مريد وكاره وهو المطلوب. وهاهنا فائدتان : الأولى ، كراهته تعالى هى علمه باشتمال الفعل على المفسدة الصارفة عن إيجاده كما ان ارادته هى علمه باشتماله على المصلحة الداعية إلى إيجاده. الثانية ، ان إرادته ليست زائدة على ما ذكرناه ، وإلا لكانت إما معنا قديما كما قالت الأشاعرة ، فيلزم تعدد القدماء ، او حادثا ، فإما فى ذاته كما قالت الكرامية فيكون محلا للحوادث ، وهو باطل كما سيأتى ، وإما فى غيره ، فيلزم رجوع حكمه الى الغير لا إليه ، وإما لا فى محل كما تقول المعتزلة. ففيه فسادان : الاول ، يلزم منه التسلسل ، لأن الحادث مسبوق بإرادة المحدث ، فهى اذن حادثة ، فننقل الكلام إليه ويتسلسل. الثانى استحالة وجود صفة لا فى محل.
قال : الخامسة ، أنه تعالى مدرك لأنه حى ، فيصح أن يدرك. وقد ورد القرآن بثبوته له ، فيجب إثباته له.
اقول : قد دلت الدلائل النقلية على اتصافه تعالى بالإدراك ، وهو زائد على العلم ، فإنا نجد تفرقة ضرورة بين علمنا بالسواد والبياض ، والصوت الهائل والحسن وبين ادركنا لها ، وتلك الزيادة راجعة الى تأثر الحاسة ، لكن قد دلت الدلائل العقلية على استحالة الحواس والآلات عليه تعالى ، فيستحيل ذلك الزائد عليه. فادراكه هو علمه حينئذ بالمدركات. والدليل على صحة اتصافه به هو ما دل على كونه عالما بكل المعلومات من كونه حيا ، فيصح أن يدرك. وقد ورد القرآن بثبوته له ، فيجب إثباته له.
পৃষ্ঠা ১৫