فيجب التعلق العام. وأما بيان الاول ، فهو ان المقتضى لكونه تعالى قادرا هو ذاته ، ونسبتها الى الجميع متساوية لتجردها ، فيكون مقتضاها أيضا متساوية النسبة ، وهو المطلوب. وأما الثاني فلان المقتضى لكون الشيء مقدورا هو إمكانه ، والإمكان مشترك بين الكل ، فيكون صفة المقدورية أيضا مشتركا بين الممكنات ، وهو المطلوب. واذا انتفى المانع بالنسبة الى القادر وبالنسبة الى المقدور ، وجب التعلق العام ، وهو المطلوب. واعلم انه لا يلزم من التعلق الوقوع ، بل الواقع بقدرته تعالى هو البعض ، وإن كان قادرا على الكل. والأشاعرة اتفقوا فى عموم التعلق ، وادعوا معه الوقوع كما سيأتي بيان ذلك ان شاء الله تعالى.
قال : الثانية ، أنه تعالى عالم لأنه فعل الأفعال المحكمة المتقنة ، وكل من فعل ذلك فهو عالم بالضرورة.
اقول : من جملة الصفات الثبوتية كونه تعالى عالما. والعالم هو المتبين له الأشياء ، بحيث تكون حاضرة عنده ، غير غائبة عنه والفعل المحكم المتقن هو المشتمل على أمور غريبة عجيبة والمستجمع لخواص كثيرة والدليل على كونه عالما وجهان : الأول أنه مختار ، وكل مختار عالم. اما الصغرى فقد مر بيانها. واما الكبرى فلأن فعل المختار تابع لقصده ، ويستحيل قصد شيء من دون العلم به. الثاني انه فعل الأفعال المحكمة والمتقنة ، وكل من كان فعله كذلك فهو عالم بالضرورة. أما انه فعل ذلك فظاهر لمن تدبر مخلوقاته. اما السمائية فيما يترتب على حركاتها من خواص فصول الأربعة وكيفية نضد تلك الحركات وأوضاعها ، وهو مبين فى فنه. واما الأرضية فمما يظهر من حكمة المركبات الثلث ، والأمور الغريبة الحاصلة فيها ، والخواص العجيبة المشتملة عليها ، ولو لم يكن الا فى خلق الإنسان ، لكفى الحكمة المودعة فى انشائه وترتيب خلقه وحواسه وما يترتب عليها من المنافع كما أشار إليه بقوله : ( أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق ) فإن من العجائب المودعة فى بنية
পৃষ্ঠা ১২