اقول : لما فرغ من اثبات الذات ، شرع فى اثبات الصفات ، وقدم الصفات الثبوتية لانها وجودية ، والسلبية عدمية ، والوجود أشرف من العدم ، والأشرف مقدم على غيره ، وابتدأ بكونه قادرا لاستدعاء الصنع القدرة. ولنذكر هنا مقدمة تشتمل على تصور ذكر مفردات هذا البحث ؛ فنقول :
القادر المختار هو الذي إذا شاء أن يفعل فعل ، وإن شاء أن يترك ترك ، مع وجود قصد وإرادة ، والموجب بخلافه ، والفرق بينهما من وجوه : الاول ، ان المختار يمكنه الفعل والترك معا بالنسبة الى شيء واحد ، والموجب بخلافه. الثانى ، ان فعل المختار مسبوق بالعلم والقصد والإرادة بخلاف الموجب. الثالث ، ان فعل المختار يجوز تاخيره عنه وفعل الموجب لا ينفك عنه كالشمس فى إشراقها ، والنار فى إحراقها.
والعالم كل موجود سوى الله تعالى.
والمحدث هو الذي وجوده مسبوق بالغير أو بالعدم ، والقديم بخلافه.
والجسم هو المتحيز الذي يقبل القسمة فى الجهات الثلث.
والحيز والمكان شيء واحد ، وهو الفراغ المتوهم الذي يشغله الأجسام بالحصول فيه.
والحركة هى حصول الجسم فى مكان بعد مكان آخر. والسكون حصول ثان فى مكان واحد.
اذا تقرر هذا فنقول ، كلما كان العالم محدثا ، كان المؤثر فيه وهو الله تعالى قادرا مختارا ، فهنا دعويان : الأولى ان العالم محدث ، والثانية انه يلزمه اختيار الصانع. أما بيان الدعوى الاولى ، فلان المراد بالعالم عند المتكلمين هو السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما. وذلك إما أجسام أو أعراض ، وكلاهما حادثان. أما الأجسام فلانها لا يخلو من الحركة والسكون الحادثين ، وكل ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث ، أما انها لا يخلو من الحركة والسكون ، فلان كل جسم لا بد له من مكان ضرورة ، وحينئذ إما ان يكون لابثا فيه فهو الساكن ، او منتقلا عنه ، وهو المتحرك ، اذ لا واسطة بينهما
পৃষ্ঠা ১০