فصاح به ثانيا: نعم، ولا تحاول أن تخدعني.
فملك قوية نفسه وقال عاتبا: إنني لا أفهم قصدك، ولا أدري سر هذا اللقاء الغاضب.
وكاد فؤاد يتزلزل من رنين الصدق في صوته، ولكنه لم يلبث أن عاد إلى غضبه مضاعفا، فقد خيل إليه أن الفتى يحاوره ويريد أن يتخلص من سؤاله.
فقال له في جد صارم: اسمع يا قوية، إنني عندما زرتك منذ أيام لم أكن معك سوى فؤاد الذي عرفته، وما كنت عندي سوى قوية الذي وثقت فيه، فلم تكن تعرف أنني وكيل نيابة دمنهور، ولم أكن أعرف أنني سأعود اليوم للتحقيق في جريمة سرقة تكون أنت المجرم فيها.
وكان صوته في غضبه أجش كريها حتى أنكرته أذناه.
وكان قوية يسمع قوله مذهولا، وارتج عليه فلم يجب بلفظ، بل تحرك قلقا وتمتم قائلا: «لا حول ولا قوة إلا بالله.»
فصاح فؤاد به: ما لك لا تنطق؟
فرفع قوية رأسه في بطء، وقال: ماذا أقول لك يا سيدي؟ إنني لم أكن أهلا للسعادة التي وهبتها لي بزيارتك فلم تمض إلا أيام حتى طلع علي النهار بهذا الشقاء الفادح، أتقول إنني سارق؟
فقال فؤاد في حنق: دع هذه الأقوال التي لا تجدي شيئا وأجبني عما سألتك أولا، أيدفعك حرصك على الزهو إلى أن تدعوني لتملأ فمك فخرا بأنني زرتك ثم تتستر بي في جرائمك؟ أألومك أم ألوم نفسي؟
وبدت لمعة الغضب تبرق في عيني الفتى عندما رفع رأسه قائلا: إن الموت أهون علي مما تقول يا سيدي، لم أطلب زيارتك لتشرفني، ولكني أمتعت بزيارتك قلبي، وما كان يعنيني أنك وكيل النيابة، فلم أعبأ إلا بأنك سيدي الذي عرفته قديما.
অজানা পৃষ্ঠা