1
من وقت إلى وقت، وكان احتياط إخوته وأخواته يؤذيه؛ لأنه كان يجد فيه شيئا من الإشفاق مشوبا بشيء من الازدراء.
على أنه لم يلبث أن تبين سبب هذا كله، فقد أحس أن لغيره من الناس عليه فضلا، وأن إخوته وأخواته يستطيعون ما لا يستطيع، وينهضون من الأمر لما لا ينهض له، وأحس أن أمه تأذن لإخوته وأخواته في أشياء تحظرها عليه،
2
وكان ذلك يحفظه، ولكن لم تلبث هذه الحفيظة أن استحالت إلى حزن صامت عميق؛ ذلك أنه سمع إخوته يصفون ما لا علم له به، فعلم أنهم يرون ما لا يرى.
الفصل الرابع
كان من أول أمره طلعة
1
لا يحفل بما يلقى من الأمر في سبيل أن يستكشف ما لا يعلم، وكان ذلك يكلفه كثيرا من الألم والعناء. ولكن حادثة واحدة حدت ميله إلى الاستطلاع، وملأت قلبه حياء لم يفارقه إلى الآن، كان جالسا إلى العشاء بين إخوته وأبيه، وكانت أمه كعادتها تشرف على حفلة الطعام، ترشد الخادم وترشد أخواته اللائي كن يشاركن الخادم في القيام بما يحتاج إليه الطاعمون، وكان يأكل كما يأكل الناس، ولكن لأمر ما خطر له خاطر غريب! ما الذي يقع لو أنه أخذ اللقمة بكلتا يديه بدل أن يأخذها كعادته بيد واحدة؟ وما الذي يمنعه من هذه التجربة؟ لا شيء. وإذن فقد أخذ اللقمة بكلتا يديه وغمسها من الطبق المشترك ثم رفعها إلى فمه؛ فأما إخوته فأغرقوا في الضحك.
2
অজানা পৃষ্ঠা