4
والذي لم يكن بينه وبين باب الدار إلا خطوات قصار. هو يذكر هذا السياج كأنه رآه أمس، يذكر أن قصب هذا السياج كان أطول من قامته، فكان من العسير عليه أن يتخطاه إلى ما وراءه، ويذكر أن قصب هذا السياج كان مقتربا كأنما كان متلاصقا، فلم يكن يستطيع أن ينسل
5
في ثناياه، ويذكر أن قصب هذا السياج كان يمتد من شماله إلى حيث لا يعلم له نهاية، وكان يمتد عن يمينه إلى آخر الدنيا من هذه الناحية، وكان آخر الدنيا من هذه الناحية قريبا؛ فقد كانت تنتهي إلى قناة عرفها حين تقدمت به السن، وكان لها في حياته - أو قل في خياله - تأثير عظيم.
يذكر هذا كله، ويذكر أنه كان يحسد الأرانب التي كانت تخرج من الدار كما يخرج منها، وتتخطى السياج وثبا من فوقه، أو انسيابا
6
بين قصبه، إلى حيث تقرض
7
ما كان وراءه من نبت أخضر ، يذكر منه الكرنب خاصة.
ثم يذكر أنه كان يحب الخروج من الدار إذا غربت الشمس وتعشى الناس، فيعتمد على قصب هذا السياج مفكرا مغرقا في التفكير، حتى يرده إلى ما حوله صوت الشاعر قد جلس على مسافة من شماله، والتف حوله الناس وأخذ ينشدهم في نغمة عذبة غريبة أخبار أبي زيد وخليفة دياب، وهم سكوت إلا حين يستخفهم
অজানা পৃষ্ঠা