ومن خصائص جملته أنه رجف به وهو عليه الجبل، وانقاد له بعد شروده وتوحشه الجمل، ونصر بالرعب بين يدي مسيرة شهر، وخص بليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، ونصر بالصبا، وشفيت ببسالته غلل صدور الظبا، وجعلت له الأرض كلها مسجدا وترابها طهورا، وختم به النبيون وزاد الله دينه على الأديان علوا وظهورا، وحن الجذع اليابس إليه، وسلم الحجر فيما صح عليه، ودعا الشجرتين فأجابتا بين يديه، وساخت قوائم فرس سراقة إلى بطنها في أرض صلد لما اتبعه واتبعها عثان وهذه آية ظاهرة لجملته وبرهان.
واستسقى فأطلقت السماء عزاليها كأفواه القرب، ثم استصحى لما شكا الناس إليه خوف الهلاك مع العطب، فانجابت عن المدينة انجياب الثوب، وعدلت إلى بطون الأودية عن ذلك الصوب.
ودعا على كفار قريش بالسنين، وأنزل الله عليه في كتابه المبين: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين}، فكانوا إذا رفعوا رؤوسهم إلى السماء رأوا بينهم وبينها دخانا متراكما كالركام، آخذا بأنفاسهم أخذ الزكام، وعدموا القوت فيها حتى أكلوا العظام والميتة من شدة الجوع، ثم دعا لهم ليستيقظوا بعد الهجوع، فأحصبوا وامتنعوا من الإنابة والرجوع، {فأخذهم الله أخذة رابية}، فقتلوا وطرحوا في القليب {كأنهم أعجاز نخل خاوية}.
وأخمد الله برميته صلى الله عليه وسلم نار حرب حنين، فهزمهم الله برؤيته وصاروا أثرا بعد عين، وبلغه فيهم ما كان يرجوه، وقال في رميته: ((شاهت الوجوه)).
পৃষ্ঠা ২৩৬