ويكفيه ثناء الله العزيز الحكيم في قوله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم}، ثم قال له جلت قدرته: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}، وهذه أصول الفضائل وينبوع المناقب ؛ لأن في أخذه العفو: صلة القاطع، والصفح عن الظالم، وإعطاء المانع، وفي الأمر بالمعروف: تقوى الله، وصلة الأرحام، وصون اللسان عن ذكر كل إنسان، وغض الطرف عن الحرمات، وفي تقوى الله تدخل آداب الشرع جميعا: فرضها ونفلها، وفي الإعراض عن الجاهلين الصفح والحلم وصرف النفس عن مماراة السفيه ومجاراة اللجوج، فهذه الأصول الثلاثة تتضمن محاسن الشرع نصا وتنبيها وصمتا واعتبارا؛ ولذلك كان أصحابه اللذين يحضرون مجالسه كأنما على رؤوسهم الطير ومعلوم أن من كان على رأسه طائر فإنه لا يتحرك ولا يتكلم ولا يطرف بعينه حذرا أن ينفر الطائر.
وكان جملة رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين: شعره،
وشفتاه، وأسنانه، وجوارحه، ودمه، ونفخه، وريقه، وتفله، ونفثه، وعرقه، وماؤه.
ومن فوائد جملته المبايعة على النبوة والإيمان، والدخول بنصرته في طاعة الرحمان، وهي متلقاة باليد واللسان، مع اعتقاد الجنان، وسيأتي في اليد دلائل من البرهان.
পৃষ্ঠা ২২৮