আমার পাতা … আমার জীবন (প্রথম পর্ব)
أوراقي … حياتي (الجزء الأول)
জনগুলি
عام 1945م نقلني إلى مرحلة أخرى من حياتي، يسمونها المراهقة ... عمري أربعة عشر عاما، قامتي تطول وأحلامي تتضاعف، أحلام جامحة محلقة في السماء بلا حدود، الفرق الوحيد بينها وبين الجنون أنها عاقلة، تهدف إلى شيء بسيط هو تغيير العالم.
في النوم أراني فوق حصان أبيض مثل جان دارك، عيناي تكشفان الحجب كزرقاء اليمامة، أردد أبيات الشعر كأنما أنا الخنساء.
لم أعد أبدد طاقتي في المعارك القديمة داخل البيت، أصبح أبي وأمي ينوبان عني في هذه المهمة، تقدم عريس من طرف طنط فهيمة يحمل «الليسانس» من كلية الحقوق، هذه الكلية كان يتخرج فيها الوزراء وكبار رجالات الدولة، كلمة «الليسانس»، تنطقها طنط فهيمة بعنق يلتوي كالديك الرومي أو العنقاء، هذا العريس تتمناه أي بنت وإن كانت بنت الملك، أيمكن أن أفلت منه؟ كان له أنف يشبه المنقار، صوته أخنف.
وقف أبي وأمي معي ضد فهيمة والقبيلتين من آل شكري والسعداوي، ابنتهما النجيبة «نوال» سوف تحصل على الليسانس أو البكالوريوس، لم يعد مستقبلها في الزواج مثل البنات البليدات الخانعات في البيوت ينتظرن العريس.
صورتي داخل فستان الزفاف تلاشت من خيال أبي وامي، حلت مكانها قامتي الفارعة داخل روب المحاماة، أو معطف الأطباء الأبيض، أو ثوب الأساتذة في الجامعة أو الأدباء الكبار.
إنه الانقلاب في حياة أبي وأمي، أخي طلعت كان حلمهما الأكبر، إلا أن رسوبه في المدرسة العام وراء العام أصابهما بالإحباط، ثم تحول الإحباط إلى أمل جديد في ابنتهما الكبرى، كنت أنا بالمصادفة هذه الابنة، وكان لا بد لي من أخ فاشل حتى أحظى بالاهتمام.
أصبحت في السنة الثالثة بمدرسة حلوان الثانوية للبنات بالقسم الداخلي، أنام في عنبر ضخم يشاركني فيه ثلاثون تلميذة، نرقد على أسرة من الصاج الأبيض تشبه أسرة المستشفيات، صفان طويلان، لكل سرير فجوة صغيرة في الحائط يسمونها دولابا، تغلق بقفل مثل الدرج في الفصل، ويثبتن اسم التلميذة بدبوس مكتب، البطاطين رصاصية اللون تشبه بطاطين الجنود في الجيش، حول المدرسة سور حجري عال كأسوار السجون، ضابطة الداخلية تفتش على أحلامنا في الليل، عيناها حمراوان ينطلق منهما الشرر، في يدها كشاف كهربائي، تظهر فجأة مثل عزرائيل الموت ثم تختفي فجأة.
إلا أنني تحررت من بيوت الأقارب، تلاشى من خيالي التمساح في بيت الضاهر، والغرفة في حي العنبري، شعرت بالحنين إلى أمي وأبي وأخواتي، في الليل كنت أخفي رأسي تحت الغطاء وأبكي، في الفصل لا أعرف اسم واحدة من التلميذات، في العنبر أدخل في السرير صامتة، كلهن غريبات عني، وأغرب منهن المكان.
إلى جوار سريري من ناحية اليمين كان سرير تلميذة اسمها فكرية، عيناها سوداوان شاردتان، شفتها السفلية ممطوطة إلى الأمام، تمطها بحركة ازدراء لكل ما في الكون، تتربع فوق سريرها، تفرش أمامها اللوحة والألوان، بعد أن يدق جرس النوم وتنطفئ الأنوار تظل جالسة في سريرها محملقة في الظلام.
من الناحية الأخرى كان سرير تلميذة اسمها سامية، نحيفة قصيرة القامة، تشبه سعاد زميلتي في السنية، بشرتها سمراء شاحبة، شفتاها مطبقتان دائما، كنت أنجذب إلى هذه الانطباقة للشفتين، لم تكن تجذبني البنات اللاهيات ذوات الشفاه الحمراء المنفرجة دائما بالثرثرة أو الهأهأة أو الهسهسة.
অজানা পৃষ্ঠা